عنوان الفتوى : موقف المسلم من ساب الله ورسوله
ما حكم قتل من سب الله ورسوله؟ فإن كان لا يجوز فما هي الحدود في التعامل معه؟ وهل يجوز أن أستمع إليه لدحض شبهته وتدليسه؟ وجزاكم الله خيرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في كفر من سب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأنه إن كان مسلما صار بفعله هذا مرتدا يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا وجب قتله لردته، وراجع الفتوى رقم 77625 ولكن لا يجوز لآحاد الناس القيام بهذا الأمر وإنما قتله مهمة ولي الأمر ومن يقوم مقامه، فيجب إذا رفع الأمر إلى الجهات المعنية لتقيم على هذا الشخص حد الله الواجب مع مثله، ولا يجوز التعرض لقتله افتياتا على ولاة الأمر لما يترتب على ذلك من الفساد.
قال في شرح المنتهى: (وَإِقَامَتُهُ) أَيْ: الْحَدِّ (لِلْإِمَامِ وَنَائِبِهِ مُطْلَقًا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْحَدُّ لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ زِنًا، أَوْ لِآدَمِيٍّ كَحَدِّ قَذْفٍ لِأَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى الِاجْتِهَادِ وَلَا يُؤْمَنُ فِيهِ الْحَيْفُ فَوَجَبَ تَفْوِيضُهُ إلَى نَائِبِ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ. وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقِيمُ الْحُدُودَ فِي حَيَاتِهِ وَكَذَا خُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ وَيَقُومُ نَائِبُ الْإِمَامِ فِيهِ مَقَامَهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هذا فإن اعترفت فارجمها فاعترفت فرجمها. انتهى.
وأما حدود التعامل معه إن ثبت سبه لله تعالى فإنه يتعامل معه كما يتعامل مع المرتد، فلا يبدأ بالسلام، ولا تؤكل ذبيحته، ولا يصلى عليه إذا مات، ولا يدفن في مقابر المسلمين إلى غير ذلك. وأما مناصحته فهي واجبة على من علم بحاله، فيأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر ويبين له أنه على خطر عظيم وأنه يعرض نفسه بذلك لخزي الدنيا والآخرة، وإن كانت له شبهات فإن كنت تعلم من نفسك القدرة على دفعها والرد عليها فجالسه ورد شبهته، وأما إن كان حظك من العلم قليلا فاجتنب مجالسته لئلا يؤذيك بشره وخشية أن تتأثر بشيء من كلامه أو يكون عجزك عن دفع تلبيسه مقويا لقلبه في الثبات على ما هو عليه، وانظر الفتوى رقم 162195.
والله أعلم.