عنوان الفتوى : هل يفسد الصوم بغلبة ابتلاع القيء
في أحد أيام رمضان شعرت بألم شديد في بطني لا يعلمه إلا الله، فكان القيء قد وصل إلى الحلق، فجاهدت نفسي مرارا بعدم التقيؤ عمدا فسألت الله من رحمته وصبرت قليلا، فإذا بريقي يصبح حارا ومالحا قليلا ويسيل سيلانا سريعا، فشعرت بالتقيؤ فتوجهت إلى الحمام -أكرمكم الله- ماهي إلا ثوان وإذا بي أتقيأ قيئا لم أتقيأ مثله في حياتي، كانت كميات الطعام كبيرة جدا لدرجة أني لم أستوعب الأمر مباشرة، ومضيت أتقيأ فترة وأنا أتقيأ أشعر بكتمة واختناق في التنفس من أنفي وفمي، فأبتلع بعض القيء ومن شدة التقيؤ الذي لم أتقيأ مثله في حياتي أصيب فمي بجروح وأصبحت أتذوق الدم وأصبحت المادة المخاطية في أنفي -اكرمكم الله- حمراء لأنها اختلطت بدم. وبعدما انتهيت من التقيؤ استرخيت قليلا وتوجهت لموقعكم لأرى حكم ابتلاع القيء عمدا فوجدته محرما، فإذا بي لا أعلم هل تعمدت ذلك أم لا لأني أعاني من الوساوس وأنا أعلم أن الدين دين يسر ولا يريد الله بنا العسر. فأفطرت ذلك اليوم. فهل أأثم وهل يجب علي شيء غير القضاء؟ وجزاكم الله خيرا .
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فلا شك أن تعمد ابتلاع القيء مفسد للصيام , لكن إن غـلبت على ذلك ولم تتعمده ولم تتمكن من تجنبه فإنه لا إثم عليك وصومك صحيح كحال المكره ومن سبق الماء إلى فمه من غير قصد كما بيناه في الفتوى رقم: 79108.
قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف : وَكَذَا لَوْ عَادَ إلَى جَوْفِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ ، فَأَمَّا إنْ أَعَادَهُ بِاخْتِيَارِهِ ، أَوْ قَاءَ مَا لَا يُفْطِرُ بِهِ ، ثُمَّ أَعَادَهُ بِاخْتِيَارِهِ : أَفْطَرَ . اهـ.
وجاء في مطالب أولي النهى: أَوْ غَلَبَهُ الْقَيْءُ لَمْ يُفْطِرْ وَلَوْ عَادَ شَيْءٌ مِنْ فِيهِ إلَى جَوْفِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ ... اهـ
والذي يظهر لنا مما ذكرت أنك كنت مغلوبا على ابتلاع شيء منه - وأنت أدرى بنفسك - ولم يكن لك أن تفطر ذلك اليوم لأن صومك صحيح لم يفسد بغلبة ابتلاع القيء. ونسأل الله أن يعفو عنا وعنك , وحتى لو فسد فإنه كان عليك أن تمسك بقية يومك لحرمة الشهر , والذي يلزمك الآن هو قضاء ذلك اليوم ولا يلزمك شيء غير القضاء .
والله أعلم .