عنوان الفتوى : حد الضرورة التي تبيح ارتكاب المحظور

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

عندي مشكلة أريد مساعدة حضرتك لي فيها: أنا شاب عندي 28 سنة، حدثت لي مشكلة مادية منذ عام 2007، فقمت بالاقتراض من البنوك باسمي واسم والدتي، ولم أكن أعلم أنني أوقعت نفسي في ذنب عظيم، أردت التوبة من هذا الذنب، ولكنني لا أمللك ما أسدد به هذا الدين للبنوك، ودخلي الشهري لم يكن يكفي لسداد الأقساط الشهرية للبنوك، حاولت وسلكت كل سبل الحلال لسد هذا الدين، ولكنني لم أجد فلم يكن أمامي إلا الدفع، أو الحبس فكنت أقوم بالاقتراض مرة أخرى من بنوك أخرى لسداد الأقساط خوفا على والدتي التي تبلغ من العمر50 عاما حتى لا تسجن، وأقسم بالله لوكانت هذه القروض باسمي فقط لما كنت اقترضت مرة أخرى، وكنت دخلت السجن عقابا لي على هذا لعل الله يسامحني على هذا الذنب، ويتكرر موضوع الاقتراض سنويا منذ عام2007 حتى الآن، تعبت وأريد أن أتوب إلى الله عز وجل، ولكن كيف؟ فأنا لا أملك ما أسدد به البنوك ومعرض للسجن أنا ووالدتي، فهل أقوم بعمل قروض مرة أخرى؟ أم ألقي بوالدتي في السجن؟ وهذا ذنب عظيم أكبر من الربا، فماذا أفعل؟ أنا لا أريد زكاة، ولكنني أريد أحدا يقرضني هذا المبلغ على فترة 6 سنوات، ويأحذ الضمانات اللازمة، ألا يوجد من المسلمين من يملك هذا المبلغ؟ بالله عليك ساعدني في حالة وجود حل، وكل كلامي السابق والمبلغ مؤيد بأوراق رسمية من البنوك، أرجو منك الرد على في أسرع وقت فأنا في عذاب، وهل قفلت في وجهي أبواب التوبة؟ ملحوظة: المبلغ مائة وعشرون ألف جنيه، أرجو الرد عن طريق الإميل المرسل منه، وهل أقوم بعمل قروض مرة أخرى للسداد مع أنني على هذا الحال منذ 2007.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:

فالخلاص من الربا وديونه لا يكون باللجوء إليه مرة أخرى، بل إن ذلك يزيد الدين تراكما، والمشاكل تفاقما فهو كما قيل: كالمستجير من الرمضاء بالنار ـ وقد عدت إليه من قبل فما أغنى عنك شيئا، لأنه هو السبب في الداء فلا يعالج به، ووسائل الحلال كثيرة غير اللجوء إلى الربا، فمنها القرض الحسن، ومنها الدخول في معاملات شرعية مع البنوك الإسلامية ونحوها كالتورق، وهو أن تشتري سلعة من البنك لتبيعها وتنتفع بثمنها في سداد دينك، أوغيره، وكذلك الزكاة، فالغارم له أن يأخذ من الزكاة لسداد دينه، ومن وجد وسيلة مباحة يدفع بها الضرر عن نفسه، أوغيره لم يجز له أن يرتكب محظورا شرعيا، هذا مع الدعاء والالتجاء إلى البارئ سبحانه ليكشف كربتك ويسدد عنك هذا الدين الذي يثقل كاهلك، فعن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه: أن مكاتباً جاءه، فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني، قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل ثبير ديناً أداه الله عنك؟ قال: قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك. رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب. وانظر الفتوى رقم: 152279

فإن لم تجد سبيلا لسداد الدين الحال غير اللجوء إلى معاملة البنك الربوي، أو تسجن وتسجن أمك فلك أن تعامل البنك الربوي بقدر ما تدفع به هذا الضرر وتزول به تلك الحاجة الشديدة، جاء في كتاب نظرية الضرورة الشرعية: والضرورة هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس، أو بالعضو ـ أي عضو من أعضاء النفس ـ أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال وتوابعها ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. انتهى.

والله أعلم.