عنوان الفتوى : توضيح حول معجزة هود عليه السلام
أنا صاحب الفتوى رقم: 152373، بأن الأنبياء كلهم لهم معجزات إلا أن سيدنا هود كانت معجزته ثقته بالله وأنا غير مستريح لهذه الإجابة وأريد إجابة مريحة إزاء قومه أن يؤمنوا بالله وبه من غير معجزة واضحة وبينة غير الثقة بالله كما أن كل الأنبياء كانت عندهم ثقة بالله وكانت لهم معجزات.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد روى أَبِو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ قَدْ أُعْطِي مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِى أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. متفق عليه.
وهذه صيغة عموم تقتضي وجود آية لكل نبي من الأنبياء يبقى بعد ذلك النظر في تعيين هذه الآية فما ذكره القرآن كآية موسى وعيسى وصالح وغيرهم من الأنبياء آمنا به إجمالا وتفصيلا, وما سكت عنه القرآن كآية إلياس واليسع وغيرهما من الأنبياء فلا ينبغي التكلف في البحث عنه, لأنه لا يترتب عليه عمل وما كان كذلك وسكتت عنه النصوص فالبحث عنه غير مستحسن شرعا، قال الشاطبي في الموافقات: كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي، وأعني بالعمل: عمل القلب وعمل الجوارح، من حيث هو مطلوب شرعا. انتهى.
وأما بخصوص السؤال عن قوم هود: فإنهم قد جاءتهم آيات من الله سبحانه بدليل قوله سبحانه: وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْاْ رُسُلَهُ {هود:59}.
جاء في تفسير التحرير والتنوير: ما جئتنا ببينة ـ بهتان، لأنه أتاهم بمعجزات، لقوله تعالى: وتلك عادٌ جحدوا بآيات ربهم ـ وإن كان القرآن لم يذكر آية معينة لهود عليه السلام, ولعل آيته أنّه وعدهم عند بعثته بوفرة الأرزاق والأولاد واطّراد الخصب وفرة مطردة لا تنالهم في خلالها نكبة ولا مصيبة بحيث كانت خارقة لعادة النعمة في الأمم. انتهى.
وبعض العلماء يذكر أن آية هود عليه السلام تحديه لقومه بهذه الطريقة وهو بين أظهرهم على ما ذكرناه في الفتوى رقم: 152373
وذلك أن هودا عليه السلام كان بين قومه وحيدا فريدا وهم حوله محيطون به والحال أنهم أشداء أقوياء حتى بلغ من فرط قوتهم ومكانتهم أن استكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة كما حكى القرآن عنهم,
ومع ذلك يتحداهم بهذه الطريقة ويستفزهم بقوله: فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون ـ وهم من حوله عاجزون لا يملكون مباشرة شيء من ذلك، يقول الألوسي ـ رحمه الله تعالى ـ في تفسيره: وأياً مّا كان فذاك من أعظم المعجزات بناء على ما قيل: إنه كان عليه السلام مفرداً بين جمع عتاة جبابرة عطاش إلى إراقة دمه يرمونه عن قوس واحدة، وقد خاطبهم بما خاطبهم وحقرهم وآلهتهم وهيجهم على ما هيجهم فلم يقدروا على مباشرة شيء مما كلفوه، وظهر عجزهم عن ذلك ظهوراً بيناً. انتهى.
وراجع الفتوى رقم: 116517.
والله أعلم.