عنوان الفتوى : المقصود بالمنكر وشروط الإنكار
ما هو معنى المنكر وشروط إنكاره؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه المسألة طويلة الذيل جدا، ولكننا سنقتصر على عبارات دالة على المقصود تحصل بها الفائدة، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى مظان البحث، فأما المنكر فهو ضد المعروف، وكل ما قبحه الشرع وحرمه وكرهه فهو منكر، كذا في عمدة القاري، وأما شروط إنكار المنكر فمن أحسن من تصدى لبحثها فيما نرى أبو حامد الغزالي ـ رحمه الله ـ في الإحياء، وقد طول النفس في هذا المقام فأجاد وأفاد عليه الرحمة، ونحن ننقل من كلامه جملا مختصرة، فإن أردت تمام البحث فارجع إلى الإحياء، فأركان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أربعة المحتسب أي الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، والمحتسب عليه، والمحتسب فيه، ونفس الاحتساب، ولكل واحد من هذه الأركان شروط، فأما شروط المحتسب فهي أن يكون مكلفا مسلما قادرا فيخرج منه المجنون والصبي والكافر والعاجز ويدخل فيه آحاد الرعايا وإن لم يكونوا مأذونين ويدخل فيه الفاسق والرقيق والمرأة والتكليف شرط وجوب، فيصح أمر الصبي بالمعروف ونهيه عن المنكر ويثاب عليه وإن كان ذلك غير واجب عليه، وأما شروط ما يحتسب فيه أي ما ينهى عنه من المنكر، فهو كل منكر موجود في الحال ظاهر للمحتسب بغير تجسس معلوم كونه منكرا بغير اجتهاد، وأما المحتسب عليه وهو المنهي عن المنكر فشرطه أن يكون بصفة يصير الفعل الممنوع منه في حقه منكرا وأقل ما يكفي في ذلك أن يكون إنسانا ولا يشترط كونه مكلفا ولا مميزا، وأما نفس الاحتساب فله درجات فأولها التعرف ثم التعريف ثم النهي ثم الوعظ والنصح ثم السب والتعنيف ثم التغيير باليد ثم التهديد بالضرب ثم إيقاع الضرب وتحقيقه ثم شهر السلاح ثم الاستظهار فيه بالأعوان وجمع الجنود فلا يترقى المحتسب إلى درجة إلا بعد استفراغ الوسع في التي قبلها، وبعض درجات الإنكار خاص بالسلاطين وولاة الأمر، ولا يجوز الإنكار حيث كان ذلك يؤدي إلى حدوث منكر أكبر، وشرح هذه الشروط والدرجات مستوفى في الإحياء أتم استيفاء.
والله أعلم.