عنوان الفتوى : هل له أن ينكر على أمه أخذها من ماله بغير إذنه ؟

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

جزاكم الله خير الجزاء على هذا الموقع الرائع الذي طالما وجدت فيه من إجابات تدور في خاطري. سؤالي هو عن بر الوالدة, أنا شاب في منتصف العشرينات ولي خمسة إخوة ونعيش في منزلنا مع أمي حيث توفى والدي من أكثر من عشر سنوات , وقامت أمي بتكفل الأمور المادية حتى أكملنا تعليمنا الجامعي وأنا الآن (حمدا لله) وبفضل الله علىً أتحمل جميع نفقات البيت لي ولإخوتي وسؤالي عن شيئين هما كالتالي : 1- في إحدى المرات تصرفت أمي بمبلغ كبير من المال كنت ادخره لأن خالي كان يمر بضائقة مادية شديدة, فغضبت في وقتها لأنها لم تعلمني بهذا الشأن وتصرفت في المال بدون علمي, لكنى لم اخبرها أني قد غضبت ولم أناقش الأمر وكأن شيء لم يكن. وبعدها بعدة شهور, مرت أختي الكبيرة بضائقة مادية بسبب إجراء عملية جراحية ,ففعلت أمي ما فعلته المرة الأولى وتصرفت أيضا في مبلغ آخر كنت ادخره بدون علمي, ففكرت ثم قلت أني لن اترك الموقف يمر مرور الكرام ويجب ان أتحدث فيه حتى لا يحدث مرة أخرى, فقالت لي أن أختي قد احتاجت هذا المبلغ وأنها نسيت أن تخبرني, فقلت لها لا تتصرف في مالي بدون علمي, فسكتت هي وبعدها شعرت أني ما كان يجب أن افعل هذا معها. هل والدتي من حقها أن تتصرف في مالي بدون علمي ؟ وأني قد فعلت هكذا لكي لا تتكرر الفعلة نفسها ,فهل هذا تصرف خاطئ تجاه الأم ؟ 2- السؤال الثاني مرتبط بالمعلومات التي ذكرتها في البداية, والسؤال حول ضبط النية, فانا قد نويت أن أتحمل نفقات البيت وأخواتي لله ولبر الوالدة وأحيانا كثيرة تحدث خلافات بيني وبين أمي حول أشياء بسيطة وأخرى كبيرة لحد ما, وبعد هذه الخلافات يوسوس لي الشيطان أني غير صادق في نيتي مع الله وخصوصا إذا كانت المشكلة متعلقة بالمال وطريقة إدارة مصاريف البيت ,فأخاف جدا أن تكون نيتي لغير الله كمثل أن أكون مقهورا على هذه المصاريف , أو أن يقال أن فلان يصرف على البيت بأكمله. فكيف اضبط نيتي وأغلق على الشيطان أبواب الوسوسة وكيف أتأكد أني قد أخلصت النية لله ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله
أولا :
نشكر لك برّك بأمك وعنايتك بشأن إخوتك وتحملك النفقات عنهم ، ولك على ذلك موفور الأجر عند الله تعالى إن صلحت نيتك فيه .

ثانيا :
يجوز للوالدين أو أحدهما الأخذ من مال ولدهما ما يحتاجان إليه ، بشرط أن لا يكون في ذلك ضرر على الابن ، ولا تفويت حاجته ومصالحه .
وانظر لبيان ذلك جواب السؤال رقم : (9594) .
لما روى ابن ماجة (2292) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ أَبِي اجْتَاحَ مَالِي ؟ فَقَالَ : ( أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ ) وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَوْلَادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) .
وَقد سُئِل الإمَامُ أحْمَد عَنِ الْمَرْأَةِ تَتَصَدَّقُ مِنْ مَال ابْنِهَا ؟ فقَال : لاَ تَتَصَدَّقُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ .
"الموسوعة الفقهية" (45/203) .
وليس لهما أن يأخذا من مال ولدهما لإعطائه ولدا آخر .
فعلى هذا : ينبغي للأم إذا أرادت أن تعطي أخاها المحتاج أو ابنتها المحتاجة من مال ابنها أن تستأذنه ، وعلى الابن أن يأذن لأمه في ذلك بقدر استطاعته ، حيث تعلقت حاجتها ورغبتها بماله ، وخاصة إذا كانت هذه الحاجة ضرورية ، وتخص أحد أقاربه .
ويتأكد ذلك بالنسبة لأختك ، حيث إنك تحملت النفقة على أمك وإخوتك .
وهذا من تمام البر بأمك ، ومن صلة الرحم التي نرجو أن تكون من أهلها .

وقولك لأمك : " لا تتصرفي في مالي بدون علمي " فيه شدة في الخطاب ، وكان يجمل بك التنبيه على الأمر بألين من ذلك ، وقد قال الله عز وجل : ( فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ) الإسراء/ 23 .
ثالثا :
أما الإخلاص في النية لله تعالى ، فاعلم أن هذا يحتاج إلى مجاهدة مستمرة للنفس والشيطان ، في كل نفقة تنفقها ، فاجتهد في استحضار النية الحسنة في ذلك ، ولا تلتفت لوسوسة الشيطان ونزعات النفس .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : بشأن إخلاص النية لله ودفع الوساوس .
فأجابوا :
" اجتهد في إسلام وجهك لله ، وأخلص قلبك له ، واقصد بعملك أن تنال رضاه وأن يثيبك عليه وارج الله والدار الآخرة ، ودع عنك الوسوسة وادفع كيد الشيطان فإنه يريد أن يقلق راحتك ويملأك بالشكوك " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (2 /207) .
والله أعلم .