عنوان الفتوى : كيف تتصرف الزوجة مع زوجها التارك للصلاة؟
ماذا أفعل مع زوجي الذي لا يصلي , و إذا سألته هل تؤمن بأن الله فرض الصلاة فيقول نعم , فأقول له لماذا لا تصلي فيسكت و لكنه لا يصلي , أرشدوني على الطرق التي استطيع من خلالها أن أقنعه بانه يصلي , جزاكم الله خيراً .
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :-
اتفق المسلمون على أن من أنكر الصلاة جاحدا لها أي غير مؤمن بفرضيتها فقد كفر.
وأما من آمن بوجوبها إلا أنه يتركها كسلا وتهاونا – وزوجك واحد من هؤلاء- فقد اختلف العلماء في حكمه إلى اتجاهين:-
الاتجاه الأول: يرى أنه أتى كبيرة من الكبائر إلا أنه ليس بكافر وقد رأى بعض أصحاب هذا المذهب أنه يقتل إذا رفض التوبة على أنه أتى حدا من الحدود في الإسلام كما يقتل الزاني المحصن إلا أن القتل لا يخرجه من الإسلام، والقتل للإمام وليس لآحاد الأمة. ويرى بعض أصحاب هذا الاتجاه أنه لا يقتل ولكنه يحبس فقط، المهم أنه لا يكون كافرا ، و هذا الاتجاه يمثله جمهور الأمة من الأحناف والمالكية والشافعية.
الاتجاه الثاني: يرى أنه كافر ويقتل على أنه كافر ومن مقتضيات القول بتكفيره أنه لا يدفن في مقابر المسلمين ولا يصلى عليه ولا يغسل، ويفرق بينه وبين زوجته
وينسب هذا الاتجاه إلى بعض السلف من الصحابة وغيرهم ، كما ينسب إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل إلا أن أشهر موسوعة في الفقه الحنبلي وهي كتاب المغني لابن قدامة رجحت أنه ليس بكافر على مذهب الإمام أحمد، وبالتالي تكون العلاقة بينه وبين زوجته صحيحة لا شائبة فيها، وهذه الرواية عن الإمام أحمد التي رجحها ابن قدامة الحنبلي تلتقي مع مذهب جمهور الفقهاء من المالكية والحنفية والشافعية.
وقد ذكر الإمام ابن قدامة صاحب كتاب المغني أن التاريخ لم يسجل لقضاة المسلمين أنهم فرقوا بين الرجل وزوجته بسبب ترك الصلاة بالرغم من كثرة تاركيها على مر الزمان.
وعلى هذا فزوجك غير كافر طالما أنه يؤمن بوجوبها، وعليك أن تنصحيه باستمرار، وأن تدعيه إلى الصلاة دون يأس، وأن تخوفيه من عاقبة تركها، وأن تحيطيه بالصحبة الصالحة التي تأخذ بيده إلى طريق الحق، فللصحبة مفعول السحر في مثل هذه الحالات.
فالدعوة المباشرة المكشوفة التي تعتمد على صيغة الأمر والطلب يمجها الإنسان وينفر منها ، ولكنه لو أحيط بطائفة ملتزمة فستتسرب إليه أخلاقهم وصفاتهم دون طلب منهم أو أمر ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول : ” المرء على دين خليله”
واستعيني عليه بدعوات السحر ، فقومي في السحر ، واسألي الله أن يأخذ بناصيته إليه ، وأكثري من الدعاء ب ” ربنا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً” (الفرقان : 74 )
واذكري قول الله تعالى : ” كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (النساء : 94 ) واعلمي لو أن الله أكرمك بهدايته فلهو خير لك في دينك، ولهو أحسن لك من الدنيا وما فيها ، فاجعليه مشروعك الدعوي ، وتفنني في تنويع أسلوب دعوته، ومن الأمور النافعة أن تعرضيه لسماع المواعظ المؤثرة من العلماء والوعاظ المتميزين ، ولا تطلبي منه أن يسمع مباشرة ، ولكن تظاهري بأنك تشغلين المحاضرة لك أنت في أماكن تواجده، وابدئي معه بمحاضرات الرقائق والوعظ، والكلام عن الجنة ، والنار ، وعن صفات الله تعالى ، وإنعامه على الخلق ، وقصص التائبين، ولا تبدئي معه بالتكاليف من الصلاة ونحوها ، ولا تعجلي عليه.
وذكريه بأن الله يحب الشكر على نعمه ، وقد أنعم عليه بنعمة الولد، وهذا يقتضي الشكر على هذه النعمة حتى لا تتعرض للزوال.
على أنك إذا أحببت الطلاق منه على حاله هذا فإنك لن تأثمي، ولكن سيفوتك أجر دعوته وهدايته.
والله أعلم.
حرر هذه الفتوى حامد العطار عضو لجنة تحرير الفتوى بالموقع