عنوان الفتوى : هل يثاب المرء على عمله وإن تقاضى عليه أجرا
هل يثاب العامل على عمله بالرغم من أنه مأجور في ذلك العمل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأعمال بالنيات، والأصل في ذلك هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه. متفق عليه.
فمن عمل عملا من الأعمال الصالحة، وكان الباعث الأصلي له على هذا العمل إنما هو منفعة من منافع الدنيا، فهذا لا أجر له. وأما من كان الباعث الأصلي له إنما هو احتساب الأجر وإرادة وجه الله، فلا يُبطِل أجرَه ما يناله بعد ذلك من أعراض الدنيا كالأجرة (الراتب)، وإن كان ذلك يقلله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث. وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم. رواه مسلم.
قال النووي: وأما معنى الحديث، فالصواب الذي لا يجوز غيره أن الغزاة إذا سلموا أو غنموا يكون أجرهم أقل من أجر من لم يسلم، أو سلم ولم يغنم، وأن الغنيمة هي في مقابلة جزء من أجر غزوهم، فإذا حصلت لهم فقد تعجلوا ثلثي أجرهم المترتب على الغزو، وتكون هذه الغنيمة من جملة الأجر، وهذا موافق للأحاديث الصحيحة المشهورة عن الصحابة كقوله: "منا من مات ولم يأكل من أجره شيئا ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها" أي: يجتنيها. فهذا الذي ذكرنا هو الصواب، وهو ظاهر الحديث، ولم يأت حديث صريح صحيح يخالف هذا، فتعين حمله على ما ذكرنا. اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة الفتويين رقم: 110379، 120085.
وأما إن كان مراد السائل بالعمل: الأعمال المباحة، كأنواع التجارات والصنائع وسائر المهن والأكل والشرب ونحو ذلك، فهذه يمكن أن يثاب عليها العامل إذا أحسنت نيته وتوجه بها لله تعالى، كما سبق بيانه في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 24782، 58107، 57382.
والله أعلم.