عنوان الفتوى : زوجة أخيهم على علاقة محرمة بأجانب وطلقها مرتين ويرغب بإرجاعها !
جزاك الله خيراً شيخنا الفاضل وزادك الله علماً وعملاً صالحيْن . أريد أن أستشيرك في أمر يخص أخي . أخي يبلغ من العمر 23 عاماً ، أراد الزواج قبل سنتين بفتاة لم نوافق عليها لظهور مخالفات شرعية تبينت لنا ، إلا أنه أصر بشتى الطرق ، وحاول إقناعنا أنها ستتغير ، وبالفعل ألبسها النقاب في فترة العقد ، كانت هناك بعض المخالفات الشرعية حتى بعد ارتدائها النقاب ، ولكننا آثرنا النصح وفي كل مرة تُظهر لنا أنها ستتغير ، تمَّ الزواج من حوالي عام ، وحملت ، وأنجبت ولداً ، حدثت مخالفات شرعية من أهلها في اليوم السابع للولادة ولكننا تغاضينا عنها لأن المهم هو زوجة أخي ، المشكلة : أننا من حوالي 3 أشهر اكتشفنا أنها تكلم شابّاً وتذهب إليه فى مكان عمله ، لما تبين لنا ذلك تحدثنا إليها فأجابت " ده صاحبي وأنا بفضفض له " - اعذرني على اللهجة ولكن لأوضح الأمر - . لم تبد أي اعتذار ، فما كان منَّا إلا أن طلَّقها أخي طلقة واحدة ، بعدها لاحظنا عليه الندم ، وبالفعل راجعها في أقل من شهر على الرغم من اعتراضنا على ذلك . المشكلة الأكبر : بعد أسبوعين - تقريباً - من رجوعها : رجع أخي إلى البيت في غير موعد رجوعه فوجد شخصاً فى البيت يأكل معها ، وأراد الشاب أن يختبئ تحت السرير إلا أنه فرَّ لما دخل أخي ، انهال عليها أخي بالضرب وعلمنا بعدها من ذلك الشاب أنها هي التي عرضت عليه نفسها ، هو شاب يعمل فى محل قريب منَّا ، ذهبت إليه وأظهرت له صورتها ، تبادلا أرقام الهاتف المحمول ، في يوم أرسلت إليه رسالة من هاتف أخي تقول فيها " حبيبي إحنا على موعدنا " ! علمنا بهذه الرسالة عن طريق هاتف الشاب ، فقد وقع منه وهو يفر من البيت . المصيبة : أن الشاب قال : بأنها ذهبت معه قبل أيام إلى شقة أخيه ومعها طفلها وحدث بينهما ما حدث ، قال بأنه إدخال لكن لم يحدث إنزال ؛ لأن الطفل بكى ، وشعر الشاب بالذنب . أعتذر - شيخنا - فلم أقل إلا ما روى لنا ، وأسأل الله أن يسترنا في الدنيا والآخرة ، ولم أقل ذلك إلا لأوضح الأمر ، عرضنا عليها ما قاله الشاب حتى أنه ذكر ما كانت تلبسه إلا أنها أنكرت وأحياناً تصمت ولا ترد ، طلَّقها أخي للمرة الثانية وهي الآن عند أهلها . هذه الأيام نشعر بأن أخي يريد إرجاعها ، وكل من فى البيت عندنا يرفض ذلك حتى إن أخي حلف أنه لن يكلمه إن راجعها ، وكذلك أزواج أخواتي . بالله عليك يا شيخ بم تنصحنا ؟ . جزاك الله خيراً .
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله تعالى أن يُعظم لكم الأجور على ما أصابكم ، ونأسف أن تكون هذه أخلاق
مسلمة رزقها الله تعالى زوجاً يعفها ، ورزقها ابناً يسليها ، وبيتاً يأويها ،
ورزقاً يأتيها ، ثم هي تكفر هذه النعَم ، ولا تشكر منعِمَها ، بل تعصي الله تعالى
وترتكب ذنباً هو من أكبر الكبائر .
ولا شك أن زوجها قد أخطأ بإرجاعها ، إن لم يكن في المرة الأولى ففي المرة الثانية ،
ولم يظهر لنا أنها تابت وأنابت حتى يأمنها على عرضه ، وإن خطأه ليعظم إن أراد أن
يرجعها بعد خطئها في المرة الثانية التي طلقها بعده .
وإننا لننصحه أن لا يفكر في إرجاعها لعصمته ، فمثلها لا يؤتمن على عِرض ولا بيت ولا
مال ولا ولد .
وليحذر هذا الأخ أن يكون ممن نزعت منهم الغيرة على عرضه ؛ فإن ذلك منافٍ لكمال
الإيمان ، ولا يرضاه من رزقه الله ديناً وفطرة وعقلاً ، فكيف يقبل أن تكون امرأته
ممن تختلي برجل أجنبي مرة ، ثم تلاحق آخر ليزني بها ؟! وإن لم يكن هذا هو " الديوث
" فمن هو يكون ؟! وإننا لنربأ به أن يكون من أولئك الذين لا يغارون على أعراضهم ،
وقد أحسن بتطليقها فليس عليه أن يسيء بإرجاعها .
عن عبدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( ثَلَاثَةٌ قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
الْجَنَّةَ مُدْمِنُ الْخَمْرِ وَالْعَاقُّ وَالدَّيُّوثُ الَّذِي يُقِرُّ فِي
أَهْلِهِ الْخَبَثَ ) .
رواه أحمد ( 9 / 272 ) وصححه المحققون ، وحسَّنه الألباني في " صحيح الترغيب
والترهيب " ( 2 / 299 ) .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 31 / 340 ، 341 ) :
ومَن لا يغار على أهله ومحارمه : يُسمَّى : " ديّوثاً " ، والدّياثة من الرّذائل
الّتي ورد فيها وعيد شديد ، وما ورد فيه وعيد شديد يعدّ من الكبائر عند كثير من
علماء الإسلام ، جاء في الحديث : ( ثلاثة لا ينظر اللّه عزّ وجلّ إليهم يوم القيامة
: العاقّ لوالديه ، والمرأة المترجّلة ، والدّيّوث )- رواه النسائي ( 2561 ) ،
وصححه الألباني في " صحيح سنن النسائي " - .
انتهى .
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن حادثةٍ شبيهة تماماً لما حصل مع أخيكم
، فانظروا السؤال وجوابه .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - :
عمَّن طلع إلى بيته ، ووجد عند امرأته رجلاً أجنبيّاً فوفَّاها حقَّها وطلَّقها ،
ثم رجع وصالحها ، وسمع أنها وُجدت بجنب أجنبيٍّ .
فأجاب :
في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم ( أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمَّا
خَلَقَ الْجَنَّةَ قَالَ : وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا يَدْخُلُك بَخِيلٌ وَلَا
كَذَّابٌ وَلَا دَيُّوثٌ ) ، والديوث : الذي لا غيْرة له ، وفي الصحيح عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال : ( إنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ وَإِنَّ اللَّهَ يَغَارُ
وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِيَ الْعَبْدُ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ ) [ متفق عليه ]
، وقد قال تعالى : ( الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً
وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ ) ، ولهذا كان الصحيح من قولي العلماء : أن الزانية لا يجوز تزوجها
إلا بعد التوبة ، وكذلك إذا كانت المرأة تزني لم يكن له أن يمسكها على تلك الحال ،
بل يفارقها ، وإلا كان ديُّوثاً .
" مجموع الفتاوى " ( 32 / 141 ) .
فينبغي أن يكون هذا الحكم قاطعاً عند أخيكم فلا يرجعها لعصمته ؛ بل لا يفكر في ذلك
مجرد تفكير!!
تنبيه : الحديث الأول الذي ذكره شيخ الإسلام : ( .. وعزتي وجلالي .. ) لم نقف عليه
، وحديث ابن عمر الذي ذكرناه في الجواب يغني عنه .
ثانياً:
الذي ننصحكم به :
1. التشديد على أخيكم بعدم إرجاع زوجته المطلقة ، والتشدد في ذلك ، بذِكر الحكم
الشرعي لفعله ، ومخاطبة عقله بما سيترتب على إرجاعها من قطيعة رحم . وتهديده
بالمقاطعة له من أهله ، وكل من يحبه ويغار عليه .
2. المسارعة في البحث له عن زوجة صالحة تنسيه ما سبق من آلام ، وتعوضه ما فاته من
هذه الزوجة .
مع التنبيه على أنه كان من حقه التضييق عليها للتنازل عن مهرها ، وانظروا تفصيل ذلك
في جوابي السؤالين ( 94893 ) و (
103882 ) .
والتنبيه على أنها لا تستحق حضانة ابنه ، وانظروا جواب السؤال رقم (
98965 ) وفي هذا الجواب تفصيل مهم
لأحكام شرعية تترتب على اكتشاف الزوج علاقة محرَّمة لزوجته مع رجل أجنبي ، فلينظر .
والله أعلم