عنوان الفتوى : هل يجوز للمرأة أن تعلِّم الرجال والنساء بصوتها في موقع خاص بها ؟
أنا طالبة مولعة بتعلم لغات العالم ، وقد وضعت مدونة خاصة بتعليم اللغة التي أتعلمها ، فأضع دروساً صوتية فيها - بصوتي الحقيقي - دون تكلف أو مزاح أو خضوع في القول ، ومدة الدروس – غالباً - خمس دقائق ، المدونة يدخلها الكثير من الزوار من الفتيات والفتيان ، ويدرسون تبعاً لدروسي ، ومَن لديه سؤال يسأل عن طريق رسائل الإيميل ، أو عن طريق وضع سؤال في المكان المخصص للأسئلة ، ولكن عارضني زوجي وقال لي : صوت المرأة عورة ، ولا يجوز أن تعلِّم رجالاً " ، مع العلم أنه لا تواصل مباشر بيني وبينهم أبداً ، وأغلبية زوار الموقع هن النساء . الكثير استفاد منها ، من مبتعثين ومن يسكن في " كوريا " أو ممن يريد تعلم اللغة . الحمد لله لم تصلني مضايقات من أحد أو كلام سيء أو بذيء من أحد الزوار ، بل كلهم يشكرون ويدعون لي بالخير . سؤالي : هل محرم شرعاً على المرأة ذلك ؟ وبماذا تنصحوني في هذه الحالة ؟ وإذا كنتُ امرأة أحب أن أفيد غيري دون طلب لشهرة أو سمعة ماذا عليَّ أن أفعل ؟ هل أُبقي طموحي ومهاراتي حبيسة نفسي ؟ أم ماذا أفعل ؟ . زوجي يريدني أن أغلق " المدونة " ، وسأغلقها امتثالا لأمره ، ولكني أريد أن أعرف أمر الله تعالى في مثل هذا الأمر .
الحمد لله
أولاً:
نسأل الله تعالى أن يجنبك الفتن ما ظهر منها وما بطن ، ونسأله تعالى أن يجمع بينك
وبين زوجك على خير ، وقد رأينا في رسالتك حب الخير والنفع للناس ، ورأينا فيها
الاستعداد للامتثال لحكم الشرع ، ورأينا فيها عزمك على تقديم طاعة الزوج على رغبات
النفس ، وهذه أمور جليلة عند اجتماعها في شخص واحد ، ونحن نوصي زوجك بكِ خيراً .
ثانياً:
صوت المرأة ليس بعورة في نفسه ، لكن مع ذلك لم يشرع للمرأة أن تؤذِّن ، ولا أن تصلي
بالرجال ، ولا أن تخطب الجمعة والعيدين ، ولا أن تسبح إن أخطأ الإمام بل تصفق ، وكل
ذلك حفاظاً عليها وعلى من يستمع لها ، وصونا لها عن الفتنة وأسبابها.
وانظري جوابي السؤالين (
39186 ) و (
39188 ) .
ويكون صوتها عورة إن هي تكلمت على مسمع من الرجال الأجانب عنها بخضوع وتغنج ، وهنا
تكون الحرمة في إظهار صوتها .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" صوت المرأة نفسه ليس بعورة لا يحرم سماعه إلا إذا كان فيه تكسر في الحديث وخضوع
في القول ، فيحرم منها ذلك لغير زوجها ، ويحرم على الرجال سوى زوجها استماعه ؛
لقوله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ
اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ
مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ) الأحزاب/ 32 .
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ،
الشيخ عبد الله بن قعود ".
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " ( 17 / 202 ، 203 ) .
وينظر جواب السؤال رقم (163393) .
ثالثا :
من خلال ما سمعناه في مدونتك تبين لنا أنه ليس ثمة تكسر ولا تغنج في كلامك ، وأنتِ
غير معلومة العين لأحدٍ من الداخلين لمدونتك ، ولكن قلوب الناس ليست سواء ، وفتن
هذا الزمان قد عصفت بالنساء والرجال حتى إن أحدهم ليفتن بأقل شيء ، ولذا لا نرى
للمرأة أن تُسمع صوتها للرجال إلا لضرورة ، والتعليم العام للغات ، نعني : لعموم
الناس ، وعموم اللغات ، ليس من هذه الضرورة في شيء .
رابعاً:
وبما أن زوجك قد طلب منك التوقف عن التعليم الصوتي فنرى أنك تستجيبن له ، وقد رأينا
عندك الاستعداد لهذا الأمر ، وهو فعل تُحمدين عليه .
وانظري في وجوب طاعة الزوج في غير معصية : جوابي السؤالين : (
43123 ) و (
10680 )
.
ونحن هنا يمكن أن نقترح ما نجمع به بين رغبتيكما ، وهو أن يكون نشاطك في التعليم
موجَّهاً للنساء فقط ، وتوجد غرف صوتية خاصة بالنساء يمكنك أن تؤدي رسالتك في
تعليمهن وإفادتهن دون أن يكون حرج من زوجك في سماع الرجال ، وبذا يتحقق لك ما أردتِ
، ويزول عن زوجك الحرج في ظهور صوتك للرجال .
والإسلام لا يقف في وجه المرأة التي تريد نفع الناس وفق الضوابط الشرعية ، والزوج
لا ينبغي له أن يتسلط في قراراته .
ولا ينبغي للزوج أن يستغل هذا الحق في إيذاء مشاعر زوجته ، ومصادرة رأيها ، والتعنت
في حرمانها من رغباتها ، بل عليه أن يتقي الله عز وجل ، وأن يحرص على مشاورة زوجته
ومحاورتها ، وتبيين الحكم الشرعي لها ، وتوفير البدائل المباحة التي تسعدها ، وتنمي
قدراتها ، وتحقق شيئا من رغباتها .
ينظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم (
22397 ) .
وينظر أيضا جواب السؤال رقم (
112915 ) ففيه فوائد مهمة حول مجال عمل النساء
ودعوتهن .
والله أعلم