عنوان الفتوى : مذاهب العلماء فيما إذا عقد الولي الأبعد مع القدرة على عقد الولي الأقرب
وكلت أختي عمي في تزويجها وكان أخواي الذكور حاضرين ولم نكن نعلم بترتيب ولي النكاح، ولكنهما لم يكونا معترضين، أو شيء من هذا، فهل الزواج صحيح؟. قامت طليقة خالي بتزويج بناتها ولم يكن خالي وليا رغم وجوده حيا، ولا أدري من كان الولي ـ الرجل ـ في التزويج؟ فهل هذا الزواج صحيح إن كان خالي موافقا، ولكنه ليس وليا؟ وماذا لو كان خالي لم يكن موافقا ولكنه لم يتدخل لوقف الأمر؟ وما الذي يجب فعله الآن؟ وهل كان علي أن أسأل وأتحرى ولم يطلب مني ذلك أحد؟ ومن ثم، فهل من الواجب علي إبلاغ خالي بالأمر؟ أم يجب علي إبلاغ كل البنات واحدة واحدة على بعد مسافاتهم واتصالهم بي؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فزواج المرأة بدون ولي باطل عند جمهور العلماء، خلافاً للإمام أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ الذي يرى صحة تزويج المرأة الرشيدة نفسها، ومذهب الجمهور هو الراجح، وانظري الفتوى رقم: 111441.
وعلى ذلك، فليس للمرأة أن توكل من يزوجها، وإنما يزوجها وليها الأقرب، أو يوكل غيره في تزويجها، وأحق الناس بتزويج المرأة أبوها، ثم جدها، ثم ابنها، ثم أخوها الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم أولادهم وإن سفلوا، ثم العمومة، وانظري في ذلك الفتويين رقم: 63279، ورقم: 22277
فإذا كان الأخ الذي له الولاية على أختك قد وكّل عمه في تزويجها، فلا إشكال في ذلك، أما إذا كان لم يوكله لعدم العلم بتريب الأولياء، ولكنه كان راضيا غير معارض له في التزويج، فالعقد صحيح ـ إن شاء الله ـ
قال ابن هبيرة: واختلفوا فيما إذا عقد الأبعد من عصباتها مع القدرة على أن يعقد الأقرب ولم يكن بشاح ولا عضل، فقال الشافعي وأحمد: لا يصح النكاح.
وقال أبو حنيفة: إذا عقد الولي الأبعد مع القدرة على عقد الولي الأقرب فإنه ينعقد موقوفا على إجازة الأقرب أو إلى أن تبلغ الصغيرة فتختار إن شاءت.
وقال مالك: الولاية في النكاح نوعان:
أحدهما: ولاية إجبار تثبت من غير استئذان كولاية الأب على الصغيرة.
والآخر: ولاية إذن.
ولكن يقدم الأقرب فالأقرب كالأخ يقدم على العم، فإذا تقدم الأبعد على الأقرب من غير استئذان جاز إذا لم يتشاحا ذلك.
وعلى ذلك، ففي صحة زواج بنات خالك بغير ولاية أبيهم مع كونه أهلا للولاية ما تقدم من خلاف، وقد كان عليك أن تبيني لزوجة خالك وبناتها اشتراط الولي لصحة النكاح، وأن الأب أولى الناس بتزويج ابنته وإذا لم يستجيبوا لذلك فكان عليك إبلاغ خالك، ويتعين ذلك عليك إذا لم يقم غيرك به، قال النووي في كلامه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: ثم إنه قد يتعين كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو.
والذي عليك فعله أن تبيني لهم هذا الأمر وتنصحيهم بعرض الأمر على أهل العلم الموثوقين في بلدهم ليعرّفوهم بما يجب عليهم.
والله أعلم.