عنوان الفتوى : العلة في نهي المصلي وغيره أن يبزق أمامه أو عن يمينه
ما حكم من يبزق أثناء القيام في الصلاة عن يساره؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالبزاق هو ماء الفم إذا خرج منه، فإن كان بداخله فهو الريق، وفعل ذلك في الصلاة جائز إن احتاج إليه المصلي، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن إذا كان في الصلاة فإنما يناجي ربه، فلا يبزقن بين يديه، ولا عن يمينه، ولكن عن يساره، أو تحت قدمه" رواه البخاري ، وفي رواية أخرى: "أو تحت قدمه اليسرى" . وهذا يدل على جواز ذلك بشرط أن يكون على اليسار، أو تحت القدمين، ولا يكون عن يمينه، ولا أمامه بين يديه، هذا إذا كان خارج المسجد، أما إذا كان داخل المسجد فيزيد عليها حكم آخر، وهو وجوب دفنها بعد إخراجها من الفم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها" رواه البخاري ، أي خطيئة لمن لم يرد دفنها، هذا إذا لم يكن المسجد يتلوث ببزاقه، أما إذا كان يتلوث ببزاقه كالمساجد المبلطة والمفروشة بالبسط وأنواع الفُرش المختلفة، فلا يجوز البزاق فيها بحال، لأنه لا يمكن دفنها، ويتأذى الناس بها حتى بعد تنظيفها، ولربما كانت سبباً في نقل الأمراض بين الناس، ويتقيد هذا الحكم أيضاً بما إذا لم يكن عن يساره أحد، فإن كان عن يساره أحد فليبزق تحت قدميه، أو في أطراف ثيابه، أو في منديله.
والحكمة في ذلك، بينتها رواية البخاري الأخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قام أحدكم إلى الصلاة، فلا يبصق أمامه، فإنما يناجي الله ما دام في مصلاه، ولا عن يمينه، فإن عن يمينه ملكاً، وليبصق عن يساره، أو تحت قدمه فيدفنها" . وهل يختص هذا النهي بالصلاة؟ أم أنه عام فيها وخارجها؟ قولان للعلماء: أرجحهما -والله أعلم- أنه لا يجوز داخل الصلاة وخارجها تكريماً لليمين، لكنه في داخل الصلاة أشد، وقد جزم بذلك النووي كما نقله عنه ابن حجر في الفتح، وممن قال بهذا ابن مسعود ومعاذ بن جبل وعمر بن عبد العزيز
والله أعلم.