عنوان الفتوى : حكم بيع الموظف المسئول ما تحت يده من ممتلكات لنفسه
نحن في قسم توعوي في قطاع حكومي وأتانا جهازان كمبيوتر محمول بجهود رئيس القسم مع هذه الشركات ونحن الآن لا نحتاج هذه الأجهزة فقال رئيس القسم نريد أن نبيع هذه الأجهزة على أنفسنا فيكون لك جهاز ولي ويكون ثمن هذه الأجهزة ندعم به قسمنا الديني ونشتري به أطياب للمسجد وقال إنني أنا موكل من ولي الأمر بإدارة هذا القسم وأرى أن المصلحة أن نبيعها لكي لا تخرب مع الوقت وإذا احتجناها في عروض بروجكتر أتينا بها.
الحمد لله.
أولاً :
كل قائم على عمل من الأعمال الوظيفية ، فإنه مسئول عما تحت يده من أموال وممتلكات ومؤتمن عليها ، ولا يجوز له التصرف فيها إلا بما يخدم مصلحة العمل المُوْكَل إليه .
ومن القواعد الفقهية المقررة عند العلماء : " تَصَرُّفُ الْإِمَامِ عَلَى الرَّعِيَّةِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ " ، أو : " تَصَرُّفُ ذِي الْوِلاَيَةِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ ".
ينظر : الأشباه والنظائر للسيوطي صـ 233، الموسوعة الفقهية (2 / 276) .
" فتصرف الإمام وكل من ولي شيئاً من أمور المسلمين يجب أن يكون مقصوداً به المصلحة العامة ، أي بما فيه نفع لعموم من تحت يدهم ، وما لم يكن كذلك لم يكن صحيحاً ولا نافذاً شرعاً.
فهذه القاعدة تضبط الحدود التي يتصرف في نطاقها كل من ولي شيئاً من أمور العامة من إمام ، أو والٍ ، أو أمير ، أو وقاض ، أو موظف ، وتفيد أن أعمال هؤلاء وأمثالهم وتصرفاتهم لكي تنفذ على الرعية وتكون ملزمة لها يجب أن تكون مبنية على مصلحة الجماعة وخيرها.
لأن الولاة والعمال والأمراء والقضاة والقادة وغيرهم ليسوا عمالاً لأنفسهم ، إنما هو وكلاء على الأمة في القيام بشؤونها ، فعليهم أن يراعوا خير التدابير لإقامة العدل وإزالة الظلم وإحقاق الحق وصيانة الأخلاق وتطهير المجتمع من الفساد ، ونشر العلم ومحاربة الجهل ، والحرص على الأموال العامة ورعايتها وإنفاقها فقط فيما يعود على الأمة بالخير والنفع .
كما لا يجوز لهم أن يحابوا بها أحداً دون أحد لجاه ، أو لسلطان ، أو رغبة ، أو طمع ، لأنه لا يجوز للوالي أن يأخذ درهماً من أموال الناس إلا بحق ، كما لا يجوز له أن يضعه إلا في يد تستحق ، كما لا يجوز له كذلك أن يأخذ من مال أحد شيئاً إلا بحق ثابت معروف ". انتهى من " الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية " للشيخ محمد صدقي البورنو صـ 58 .
وبناء على ذلك ، فإذا كانت مصلحة القسم تقتضي بيع هذه الأجهزة فلا حرج من بيعها ، ولكن ليس لكم أن تبيعوها على أنفسكم لأنكم موكلون عليها ومؤتمنون ، وبيع الإنسان لنفسه مظنة التهمة وبخس السعر ، فالإنسان حريص بطبعه على أن يشتري لنفسه رخيصاً .
قال ابن قدامة : " من وُكِّلَ في بيع شيءٍ لم يجز له أن يشتريه من نفسه ... وهو مذهب الشافعي وأصحاب الرأي ". انتهى من " المغني" (5 / 237) .
وفي " الموسوعة الفقهية " (45 / 39) : " ذهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ ... إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْوَكِيل فِي الْبَيْعِ مُطْلَقًا أَنْ يَبِيعَ لِنَفْسِهِ ".
وفي " فتاوى اللجنة الدائمة " (14 / 314) : " من وكل في بيع سلعة من السلع فليس له أن يشتري لنفسه ؛ لأنه مظنة التهمة بأن يكون مقصراً في النداء أو العرض ، فصيانةً لعرضه لا يشتري الوكيل لنفسه ".
وقال المرداوي : " وَكَذَا الْحَاكِمُ وَأَمِينُهُ ، وَالْوَصِيُّ ، وَنَاظِرُ الْوَقْفِ ، وَالْمُضَارِبُ ، كَالْوَكِيلِ ". انتهى " الإنصاف "(9 / 171) .
والواجب عرضها للبيع لمن أراد شراءها من عموم الموظفين ، وتباع لمن دفع ثمناً أعلى ، وفي هذه الحال يجوز لكم شراؤها إذا كان الثمن المدفوع منكم هو الأكثر .
قال الشيخ ابن عثيمين : " إذا كان البيع في المزايدة ، وانتهى الثمن على ولده أو نفسه ، فإن البيع يصح ؛ لأنه ليس فيه تهمة ". انتهى " الشرح الممتع" (9 / 94) .
مع أن القول بعدم حاجة القسم إلى هذين الجهازين ، قد يكون محل نظر ، لأنك ذكرت في سؤالك أنكم قد تحتاجون إليهما في عروض البروجكتر .
ثانياً : الثمن المتحصل من بيع هذه الأجهزة – لو بيعت - يُصرف على مصلحة القسم ، ولا يجوز صرفه في شيء آخر ، كشراء طيب للمسجد أو غيره .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |