عنوان الفتوى: هل يقول غير العربي (ملة أبينا إبراهيم)؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

من الأذكار النبوية الصحيحة ما يلي : (أصبحنا على فطرة الإسلام وعلى كلمة الإخلاص وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفا مسلما وما كان من المشركين) . السؤال هو إذا كان الداعي مسلما عجميا غير عربي مثلى أنا ، فهل عليه أن يقول : (أبينا إبراهيم) أم يكتفي بقول (وعلى ملة إبراهيم) دون كلمة (أبينا) لأنه يعرف يقينا أنه ليس من ذرية إبراهيم عليه السلام؟

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

الحمد لله

روى الإمام أحمد (14938) عَنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى : (أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ وَعَلَى كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ وَعَلَى دِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى مِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ)

وفي رواية : عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَي عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ : (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا إِذَا أَصْبَحْنَا : أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ وَكَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ وَسُنَّةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِلَّةِ أَبِينَا إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ) وَإِذَا أَمْسَيْنَا مِثْلَ ذَلِكَ .

رواه الطبراني في "الدعاء" (293) وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" (20641) وصححه الألباني في "الصحيحة" (2989) .

والمشروع في حق كل مسلم عربياً كان أم غير عربي أن يقول هذا الدعاء بلفظه : (أبينا إبراهيم) وذلك للأسباب التالية :

1- أن إبراهيم عليه السلام ليس أباً للعرب فقط ، بل هو أيضاً أبو بني إسرائيل ، وإسرائيل هو يعقوب بن إسحق بن إبراهيم عليهم السلام .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إبراهيم أبو العرب وأبو الإسرائيليين " انتهى .

"لقاء الباب المفتوح" (189 / 16).

2- أن كل نبي هو بمنزلة الأب لأمته وأتباعه .

كما قيل في قوله تعالى عن نبيه لوط عليه السلام : (قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) هود / 78 . قال مجاهد : "لم تكن بناته ، ولكن كنَّ من أمّته ، وكل نبي أبُو أمَّته" . "تفسير الطبري" (15 /414) .

قال ابن كثير :

"يرشدهم إلى نسائهم ، فإن النبي للأمة بمنزلة الوالد ، للرجال والنساء" انتهى .

"تفسير ابن كثير" (4/337) .

وقد قرئ : ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم )

قال ابن كثير : " روي عن أُبي بن كعب وابن عباس أنهما قرآ : (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم) ، وروي نحو هذا عن معاوية ومجاهد وعِكْرِمة والحسن " انتهى .

"تفسير ابن كثير" (6/381) ، وراجع : "الجامع لأحكام القرآن" (9/76) ، "فتح القدير" (2/745).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"وفي قراءة أبيّ : (وهو أب لهم) والقراءة المشهورة تدل على ذلك ؛ فإن نساءه إنما كن أمهات المؤمنين تبعا له ، فلولا أنه كالأب لم يكن نساؤه كالأمهات" انتهى .

"منهاج السنة النبوية" (5/161) .

وقد أمرنا الله تعالى باتباع ملته عليه السلام فقال تعالى : (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ) النحل/123 ، فقال تعالى : (هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ) الحج/78 ، فيكون إبراهيم عليه السلام كالأب لجميع المؤمنين ، عرباً كانوا أم غير عرب .

قال القاري رحمه الله في " المرقاة" (8 / 292)

"(وعلى ملة أبينا إبراهيم) وهو أبو العرب ؛ فإنهم من نسل إسماعيل ، ففيه تغليب ، أو الأنبياء بمنزلة الآباء ؛ ولذا قال تعالى : (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم) وفي قراءة شاذة : (وهو أب لهم)" انتهى .

3-أن إبراهيم عليه السلام هو أبو الأنبياء الذين جاءوا بعده .

قال ابن كثير رحمه الله :

"لم يبعث الله عَزَّ وجل بعده نبيا إلا من ذريته ، كما قال تعالى : (وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ) ، وقال تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ) انتهى .

"تفسير ابن كثير" (3 / 297).

وإبراهيم عليه السلام كان أمة جامعا للخير ، حنيفا ولم يك من المشركين ، والأنبياء هم معلمو الخير لأممهم ، فناسب ذلك أن يكون أبو الأنبياء أباً لأممهم بهذا الاعتبار ، فهي أبوة الدين والتعليم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"الشيخ والمعلم والمؤدب أب الروح ، والوالد أب الجسم" انتهى .

"مدارج السالكين" (3 / 70).

وقال أيضا :

" معلوم أن الإنسان يجب عليه أن يطيع معلمه الذي يدعوه إلى الخير ويأمره بما أمره الله ولا يجوز له أن يطيع أباه في مخالفة هذا الداعي ؛ لأنه يدله على ما ينفعه ويقربه إلى ربه ويحصل له باتباعه السعادة الأبدية ، فظهر فضل الأب الروحاني على الأب الجثماني ، فهذا أبوه في الدين ، وذلك أبوه في الطين ! وأين هذا من هذا ؟ " انتهى .

"مختصر الفتاوى المصرية" (1/168) .

والخلاصة :

أن كل مسلم يدعو بهذا الدعاء فإنه يقول : (ملة أبينا إبراهيم) اتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم ، وإقراراً بحرمة إبراهيم عليه السلام وتعظيمه ، وإدراكاً لمعنى تلك الأبوة الشرعية .

والله أعلم .

شارك الفتوى

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...