عنوان الفتوى : تبين بعد عقد النكاح أن الولي أو أحد الشهود يعبد القبور

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

إذا تبين بعد عقد القران على فتاة أن الولي ، أو أحد الشهود مشرك يعبد القبور ، ويتوسل ويذبح لغير الله ، فهل يلزم من ذلك إعادة العقد ؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله

أولاً :

لا يجوز الدعاء والذبح لغير الله ، ومن فعل ذلك ، فقد وقع في الشرك الأكبر المخرج من الملة ؛ وذلك لأن الدعاء ، والذبح من العبادات ، والعبادات لا تكون إلا لله وحده ؛ فمن صرفها لغير الله فهو مشرك .

وقد سبق في الموقع بيان حكم من ذبح لغير الله ، أو دعا غيره ، كما في الأسئلة التالية : (127965) ، (1741) ، (979) .

ثانياً :

يشترط في الولي والشهود في عقد النكاح : الإسلام ، فلا تصح ولاية الكافر على مسلمة ، ولا تصح شهادة الكافر في عقد النكاح .

قال ابن قدامة رحمه الله : " أما الكافر فلا ولاية له على مسلمة بحال ، بإجماع أهل العلم " انتهى من "المغني" (9/377) .

وقال ابن قدامة أيضا : " لا ينعقد النكاح إلا بشهادة مسلمين , سواء كان الزوجان مسلمين , أو الزوج وحده . نص عليه أحمد ، وهو قول الشافعي .... ؛ لقوله عليه السلام : ( لا نكاح إلا بولي , وشاهدي عدل ) " انتهى من "المغني" (7/7) بتصرف .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إذا كان لا يصلي لا يحل أن يعقد النكاح لأحد من بناته ، وإذا عقد النكاح صار العقد فاسداً ؛ لأن من شرط الولي على المسلمة أن يكون مسلماً " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" .

وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (125363) .

ثالثاً :

لم يُذكر في السؤال على وجه التعيين : من هذا الذي وقع في أعمال الشرك ؛ هل هو الولي أو أحد الشهود ؛ فإن كان هذا الذي يعبد القبور ويذبح لغير الله هو أحد الشهود ، وكان قد حصل بعد العقد إعلانٌ للنكاح ، فالعقد صحيح إن شاء الله ، على ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، من أن الواجب هو إعلان النكاح ، وإن لم يحصل إشهاد .

قال رحمه الله : " لا ريب في أن النكاح مع الإعلان يصح ، وإن لم يشهد شاهدان " انتهى من "الاختيارات الفقهية" ص 177 .

وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (124678) .

وأما إذا كان المشرك هو الولي ، فيلزم إعادة العقد ؛ لاشتراط الإسلام في ولاية النكاح ، فإن كان الولي قد تاب من أعمال المشركين بعد ذلك : تولى هو العقد من جديد . وإن لم يتب ، عقد ذلك أقرب ولي مسلم بعده ، ولا يشترط توثيق العقد الثاني في المحكمة ، اكتفاءً بالتوثيق الأول ، لا سيما إذا خُشي الضرر من ذلك .

وللفائدة ينظر في مراتب الولاية في جواب السؤال رقم : (99696) ، ورقم : (6690) .  

وهذا كله فيما إذا حُكم على الولي أو الشاهد بالكفر والخروج من الإسلام على وجه التعيين ، أما إذا كان حديث عهد بالإسلام ، ولا يعلم أن ذلك شرك ، أو كان في بلد بعيد عن أهل العلم ، وليس عنده من يفهمه خطأ ذلك ، ومخالفة للتوحيد الخالص ، ونحو ذلك ، فلا يحكم عليه بالكفر بمجرد وقوعه في أعمال الشرك ، بل يعذر بجهله ، ويكون عقد النكاح الذي عقده لنفسه أو لغيره صحيحاً ، بناء على إسلامه الأصلي الذي لا يحكم بخروجه عنه إلا بعد قيام الحجة عليه .

ومثل هذا يجب عليه أن يتعلم ويسأل أهل العلم الثقات حتى يعبد الله على بصيرة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " تكفير الشخص المعين ، وجواز قتله : موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها ، وإلا ؛ فليس كل من جهل شيئا من الدين يكفر".

انتهى. "كتاب الاستغاثة" (2/492) .

والله أعلم