عنوان الفتوى : حكم الإبراء من الدين المعلق على الموت
استدنت مبلغا معينا من خالتي وأخبرتني أنني إن استطعت سداد الدين ما دامت هي على قيد الحياة فذاك وإن ماتت قبل أن أتمكن من ذلك فإنني معفي من سداده، وفعلا ماتت قبل أن أرد الدين، فهل في ذمتي شيء تجاه ورثتها؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما قالته خالتك يعتبر إبراء لك من هذا الدين معلقا بموتها، وهذا النوع من الإبراء مما استثناه أهل العلم من عدم جواز تعليق الإبراء بشرط، لأنه في حكم الوصية، والوصية إن كانت لغير الوارث نفذت في حدود الثلث، فإن زادت عن ذلك توقف على إجازة الورثة، قال الزركشي في المنثور: تعليق الإبراء بشرط لا يجوز. اهـ.
ثم ذكر ما يستثنى من ذلك من الصور، وذكر منها: البراءة المعلقة بموت المبرئ، كما لو قال لمن له عليه دين: إذا متُّ فأنت في حل ـ ففي فتاوى ابن الصلاح أنه وصية، فإن فضل عن دينه اعتبر من الثلث, ويؤيده جواز الوقف المعلق بموت الواقف، ومثله ما في فتاوى القاضي صدر الدين موهوب الجزري إذا قال: أنت بريء عن الدين بعد موتي، أو قال: إذا مت فقد أبرأتك عن الدين, كان ذلك وصية صحيحة, سواء قلنا الإبراء تمليك، أو إسقاط، لأن على هذه الطريقة تملك الأعيان حتى لو قال: هذا الثوب لك بعد موتي صح. اهـ.
ولما شرح الرملي في نهاية المحتاج قول النووي في منهاج الطالبين: والإبراء من المجهول باطل في الجديد. اهـ. قال: والإبراء المؤقت والمعلق بغير الموت، أما المعلق به كإذا مت فأنت بريء، أو أنت بريء بعد موتي، فهو وصية. اهـ.
وقال الشبراملسي في حاشيته: قوله: فهو وصية أي ففيه تفصيلها، وهو أنه إن خرج المبرأ منه من الثلث برئ, وإلا توقف على إجازة الورثة فيما زاد. اهـ.
وفي رد المحتار: لو قال لمديونه إذا مت فأنت بريء من الدين جاز ويكون وصية. انتهى.
وعلى ذلك، فلابد من النظر في هذا الدين، فإن كان لا يتجاوز ثلث التركة، فلا شيء في ذمتك للورثة، وأما ما زاد على ذلك فهو من حق الورثة، فإن تنازلوا عنه فهو لك، وإلا وجب رده عليهم.
والله أعلم.