عنوان الفتوى : حكم مهادنة العدو المحتل

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل يجوز الصلح مع اليهود أو النصارى على أرض بلد مثل (فلسطين مثلاً)، وقد كانت تحت حكم المسلمين سابقاً، ويكون هذا الصلح بلا تحديد لمدة معينة ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :-

 

يقول الشيخ سلمان بن فهد العودة – المشرف العام على موقع الإسلام اليوم- :-

 

الذي أختاره في هذه المسألة، أعني مسألة الهدنة مع الكفار يهوداً كانوا، أو نصارى، أو وثنيين أنها لا تجوز إلا مؤقتة محددة، وأقصى ما عاهد عليه الرسول – صلى الله عليه وسلم- كان في الحديبية، ومدتها عشر سنين، وليس هذا بمتعين ألاّ يجوز أكثر منه؛ لأنه أمر مرتبط بالمصلحة وظروف الواقع والحال.

وإنما لم تجز الهدنة المطلقة لأسباب، منها: أنها تفضي إلى إبطال الجهاد المقرر في القرآن والسنة، والثابت ثبوتاً قطعياً لدى جميع المسلمين، والباقي بقاءً قدرياً ولو كره الكافرون.
ومنها أنها تفرض على الأمة الالتزام بتبعات فترات الضعف والعجز حتى حين تقوى وتقدر على دفع عدوها، واسترداد أرضها، ولذلك نرى أن الهدنة المطلقة غير ملزمة للأمة إذا قويت على أخذ حقها.
والقول بذلك، أعني بتحريم الهدنة المطلقة هو قول جمع من أهل العلم، ولذلك قال الشافعي: “أحب للإمام إذا نزلت بالمسلمين نازلة.. مهادنة يكون النظر لهم فيها ولا يهادن إلا إلى مدة، ولا يجاوز بالمدة مدة أهل الحديبية، فإن كانت بالمسلمين قوة قاتلوا المشركين بعد انقضاء المدة، فإن لم يقوَ الإمام فلا بأس أن يجدد مدة مثلها، أو دونها ولا يجاوزها، وإن هادنهم إلى أكثر منها فمنتقضة؛ لأن أصل الغرض قتال المشركين حتى يؤمنوا أو يعطوا الجزية.

قال: “وليس للإمام أن يهادن القوم من المشركين على النظر مدة هدنة مطلقة، فإن الهدنة المطلقة على الأبد، وهي لا تجوز لما وصفت …الخ ” باختصار.
وذكر ابن قدامة في (المغني) معنى الهدنة، وأنها عقد على ترك القتال مدة، ثم قال: لا تجوز المهادنة مطلقاً من غير تقدير مدة؛ لأنه يفضي إلى ترك الجهاد بالكلية، ولا يجوز أن يشترط نقضها لمن شاء منهما؛ لأنه يفضي إلى ضد المقصود منها.
ثم ذكر -رحمه الله- الخلاف في المدة، هل تجوز على أكثر من عشر سنين؟ كما هو مذهب أبي حنيفة، ورواية عن أحمد؟ أم لا تجوز كما هو منصوص الشافعي كما سبق ورواية أخرى عن أحمد.
والأصح الجواز -والله أعلم- إذا اقتضته المصلحة، أو دعت إليه الضرورة.

وذكر ابن القيم في أحكام أهل الذمة خلافاً في الهدنة المطلقة، وقال: هل يجوز لولي الأمر أن يعقد الهدنة مع الكفار عقداً مطلقاً لا يقدره عدة، بل يقول: نكون على العهد والميثاق ما شئنا، ومن أراد فسخ العقد فله ذلك إذا أعلم الآخر ولم يغدر به، أو يقول: نعاهدكم ما شئنا ونقركم ما شئنا.
وذكر في المسألة قولين: أحدهما: المنع، وهو قول للشافعي ورواية عن أحمد.
والثاني: الجواز، وهو نص الشافعي في (المختصر)، ثم ذكر قولاً ثالثاً لأبي حنيفة، وهو أنها تكون جائزة غير لازمة.
والذي يظهر من كلام ابن القيم أن مرادهم عدم تجديد مدة في العقد، وهذا يختلف عن أن يتفق الطرفان على أبدية العقد.

 

والله أعلم.

نقلا عن موقع الإسلام اليوم