عنوان الفتوى : حكم أخذ تعويض عن الفصل من العمل إذا حكمت به المحكمة
لي أخ صديق يسأل السؤال التالي : كنت أعمل سائق شاحنة في شركة لنقل البضائع في إحدى المدن الإيطالية , حيث كنت أقوم بنقل البضائع من إيطاليا إلى دول أوروبية أخرى , وفي أحد الأيام وقبل نحو 6 سنوات وأنا في إحدى الدول الأوروبية وقع لي حادث سير في الشاحنة وبفضل الله سبحانه وتعالى نجوت من الموت وأصبت بعجز جزئي في ذراعي الأيسر, بعد ذلك الشركة التي كنت أعمل بها قامت بوقف رابتي المستحق لمدة 6 شهور رغم أنني كنت قد عملت تلك المدة قبل وقوع الحادث وبعد ذلك قامت الشركة بفصلي من العمل رغم أن القانون لا يسمح بفصلي من العمل دون سابق إنذار , فقمت برفع قضية في المحكمة من أجل الحصول على حقي في راتب الشهور التي كنت قد عملتها ولم أخذ راتبي عليها وكذلك قضية أخرى أطالب فيها بتعويضات جراء فصلي من العمل , وكل المؤشرات تدل أنني سأفوز بالقضية إن شاء الله , لكن يراودني شك في مدى مشروعية تلك التعويضات؟ أعتقد أنه لا مشكلة في أن آخذ حقي من الراتب المستحق لمدة 6 شهور .. ولكن هل يجوز لي المطالبة بتعويضات جراء فصلي من العمل؟ وقد أعلمني المحامي أن المبلغ الذي سآخذه في حال ربحت القضية سيكون كالآتي : فيما يتعلق بالراتب المستحق لمدة 6 شهور سيكون قد تضاعف أو زادت قيمته عن القيمة الأصلية المستحقة لأنه ستضاف عليه فوائد لأنني سآخذه بعد أكثر من 6 سنوات من التاريخ الذي كان يجب أن آخذه فيه فهل هذه الفائدة التي ستضاف تعتبر من الربا وعليّ أن أتخلص منها وآخذ حقي فقط أم يجوز أن آخذها لأنه لم يتم دفعه منذ 6 سنوات وكان صاحب العمل ينكر حقي في ذلك؟ ومبلغ آخر كتعويض جراء طردي من العمل ومكثي لمدة دون عمل , حيث إن القانون في هذه الحالة معي ولا يجوز طرد العامل دون سبب . فهل يجوز لي المطالبة بهذا التعويض أم أنه يدخل في باب التأمين المحرم؟
الحمد لله.
أولا :
قد أحسن صديقك بالسؤال عن هذا الأمر ، والرغبة في تحري ما يحل له وما لا يحل ، ونسأل الله تعالى أن يوفقه ويعينه ويخلف عليه خيرا .
ثانيا :
لا حرج في المطالبة بأجرة الشهور الست التي عملها ، لكن يأخذها دون زيادة ؛ لأن مماطلة صاحب العمل في أدائها لا تبيح فرض غرامة عليه .
وله أن يأخذ ما غرمه في سبيل التقاضي ، كأجرة المحامي .
سئل
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : عمن عليه دين فلم يوفه حتى طولب به عند الحاكم
وغيره وغرم أجرة الرحلة . هل الغرم على المدين ؟ أم لا ؟
فأجاب : "الحمد لله ، إذا كان الذي عليه الحق قادراً على الوفاء ، ومطله حتى أحوجه
إلى الشكاية ، فما غرمه بسبب ذلك فهو على الظالم المماطل ، إذا غرمه على الوجه
المعتاد" انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/ 24) .
وأما التعويض عن الطرد من العمل ففيه تفصيل :
فإن كان العقد ممتدا إلى سنة مثلا ، وكان صاحبك قادرا على العمل إلى نهاية عقده ، لم تؤثر عليه الإصابة ، فليس للشركة إخراجه من العمل ، ويلزمها - لو فعلت - دفع الأجرة له إلى نهاية عقده ؛ لأنه سلّم نفسه واستعد للعمل ، والمنع جاء من قبل الشركة .
وإن كان غير قادر على العمل بعد إصابته ، فللشركة فسخ عقده ؛ لأن الإجارة تنفسخ بالعذر ، ولا يلزمها حينئذ أجرته في المدة الباقية من العقد .
قال في "كشاف القناع" (4/ 33) : "ويستحق الأجير الخاص الأجرة بتسليم نفسه ، عمل أو لم يعمل ؛ لأنه بذل ما عليه " انتهى .
وفي "درر الحكام شرح مجلة الأحكام" (1/ 593) : "إذا مرض الأجير الذي استأجره آخر للخدمة يُنظر : فإذا لم يكن مقتدرا على العمل بالكلية لا تلزم أجرته ، أما إذا كان أصبح أقل قدرة بقليل على العمل عن ذي قبل فللمستأجر فسخ الإجارة . وإذا لم يفسخا ومضت مدة الإجارة لزمته الأجرة كاملة" انتهى .
وعليه ؛ ففي الحال التي يستحق فيها صاحبك الأجرة عن بقية المدة ، له أن يأخذ ذلك من التعويض الذي تقضي به المحكمة ويرد الباقي .
وفي الحال التي لا يستحق فيها هذه الأجرة ليس له أن يأخذ من التعويض شيئا .
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |