عنوان الفتوى : الخوف من الموت وضياع الأعمال
هل يخاف من الموت وضياع الأعمال؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيل عنك ما أنت فيه، وبخصوص خشيتك للموت، فما الموت إلا معبر للدار الآخرة، وما الحياة الدنيا إلا مزرعة للآخرة، والمسلم في هذه الدنيا يعيش بين الخوف والرجاء، لا يغلب الرجاء وحده فيترك العمل فيخسر آخرته، ولا يغلب الخوف وحده فيشقى. ولكن كالطائر الذي يطير بجناحين جناح خوف وجناح رجاء، لا ينفع أن يطير الطائر بجناح واحد أبدا.
وعليك أن تعي حقيقة وجودك في الحياة الدنيا، وقد بين الله لنا هذه الحقيقة في سورة الذاريات حيث قال: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ”.
فالدنيا مزرعة للآخرة، فنحن نزرع هنا لكي نحصد هناك، فإن زرعت خيرا فرحت بغرسك وثمرك في الآخرة، وإن كانت الأخرى فلا تلومين إلا نفسك.
وعلى هذا يجب عليك أولا أن تقومي بتنفيذ كل ما افترضه الله سبحانه وتعالى عليك، كما عليك أن تجتنبي كل ما نهاك الله عنه، فخير ما تتقربين به إلى الله تعالى لكي يرضى عليك هو امتثال الأوامر واجتناب النواهي، ففي الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال:
“قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ( إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل، حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني، لأعطينه، ولئن استعاذني، لأعيذنه، وما ترددت عن شيء، أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت، وأنا أكره مساءته”.
وعلى هذا فيجب عليك المسارعة إلى لبس الحجاب الذي افترضه الله عليك، وبترك التبرج الذي نهاك الله عنه.
ولكي تبثين الطمأنينة في قلبك، وتنزعين هذا الخوف الهالع منه، عليك بذكر الله تعالى: “الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ”.
وعليك ألا تقنطي فإن القنوط ليس من صفة المسلمين، فالمسلم لا يقنط أبدا، حتى إذا قامت القيامة وفي يده فسيلة فإن استطاع أن يزرعها فليزرعها، على الرغم من أن زرعه لها لن يستفيد به أحد، لأن القيامة قد قامت، فالمسلم عليه أن يفعل الخير وأن يتحلى بالأمل.
وعلى هذا فانفضي عنك هذا الشعور بالإحباط لأن الشيطان يريد من وراء هذا الصنيع أن يصرفك عن العمل الصالح حتى تذهبي إلى يوم القيامة وأنت قليلة في الأعمال الصالحة.
والله أعلم.