عنوان الفتوى : حكم الاحتفاظ بالصور وتعليقها في البيوت
أدركت مؤخرا أن تعليق الصور أو حتى الاحتفاظ بصور تذكارية حرام فأنزلت كل مالنا من صور معلقة، لكن لدينا العديد من الصور التذكارية التي لا أستطيع حرقها لأنها لعائلتي علما أنني أعيش مع أسرتي، فلا أستطيع إقناعهم بذلك فأخذت صوري وحرقتها، ما أستطيع أن أفعل علما أنني أدرك أن صلاتي لا تقبل في منزلنا بوجود تلك الصور، وهل آثم أنا كذلك على وجودها في البيت علما أنني أتمنى حرقها لكن لا أستطيع؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اختلف أهل العلم بين مجيز ومحرم للصور الفوتوغرافيه لذوات الأرواح، وأما الصور المجسمة لذوات الأرواح فمحرمة اتفاقا، وكذا المرسومة عند أكثر أهل العلم.
واختلف العلماء في الاحتفاظ بالصور عموما فمنعه جمع من أهل العلم منهم الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى، وقد سئل عن اقتناء الصور للذكرى فأجاب: اقتناء الصور للذكرى محرم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة، وهذا يدل على تحريم اقتناء الصور في البيوت. اهـ
ومن المعلوم أن ابن عثيمين ممن يرى إباحة الصور الفوتوغرافية .
وأما عن تعليق الصور في البيت فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى حرمة تعليق الصور الكاملة الرأس، واحتجوا لذلك بعدة أدلة منها حديث: لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة. رواه البخاري ومسلم.
وحديث علي أنه صلى الله عليه وسلم قال له: لا تدع صورة إلا طمستها. رواه مسلم. وحديث جابر: نهى عن الصورة في البيت. رواه الترمذي وصححه، وحديث عائشة أنها نصبت ستراً فيه تصاوير فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزعه. رواه البخاري ومسلم.
ومنها أنه قد يؤدي إلى الغلو والتعظيم كما حصل لقوم نوح، فقد ذكر ابن عباس أن وداً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسراً أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن أنصبوا إلى مجالسهم التي يجلسون إليها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت. رواه البخاري،
وقد رجح النووي وابن حجر والشوكاني والمباركفوري في تحفة الأحوذي مذهب الجمهور.
وقد أفتى بتحريم تعليق الصور جمع من العلماء المعاصرين منهم الشيخ ابن باز والشيخ القرضاوي في الفتاوى المعاصرة، والشيخ ابن عثيمين، وعللوا ذلك بأنه قد يؤدي للتعظيم والغلو.
ويتأكد الأمر إذا كان صاحب الصورة له مكانة في نفوس أهل البيت الذين علقوا صورته، كأن يكون عالماً متبعاً، أو عابداً معروفاً، أو يكون ممن يفتتن ضعاف النفوس به من الممثلين أو المغنين، أو كانت الصورة صورة والده أو والدته، أما إذا أمنت الفتنة، ولم يؤد تعليقها إلى تعظيمها، فإن الأحوط أيضاً عدم تعليقها .
وعليك ببذل الوسع والاجتهاد في إقناع الأهل بنزع هذه الصور أو إخراجها من المنزل ما لم يؤد ذلك إلى منكر أعظم منه، فإن خشيت أن يؤدي إلى ذلك فاقتصري على جانب التنبيه بالحكمة والموعظة الحسنة، ونرجو أن يكون الإثم مرفوعا عنك ما دمت حرقت الصور الخاصة بك ونهيت الأهل عنها، فقد جاء في شرح النووي على صحيح مسلم: وأما قوله صلى الله عليه و سلم فليغيره فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة وهو أيضا من النصيحة التي هي الدين ...
وأما قول الله عز و جل: عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة:105} فليس مخالفا لما ذكرناه لأن المذهب الصحيح عند المحققين في معنى الآية أنكم إذا فعلتم ما كلفتم به فلا يضركم تقصير غيركم مثل قوله تعالى: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام:164}، وإذا كان كذلك فمما كلف به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإذا فعله ولم يمتثل المخاطب فلا عتب بعد ذلك على الفاعل لكونه أدى ما عليه فإنما عليه الأمر والنهي لا القبول والله أعلم. اهـ.
وأما الصلاة في البيت الذي فيه صور فصحيحة كما في فتاوى اللجنة الدائمة، وراجعي الفتوى رقم: 10888. والفتوى رقم: 1935والفتوى رقم: 680.
والله أعلم.