عنوان الفتوى : عبارات النووي في كتاب المنهاج فيما يتعلق بأقوال المذهب
الرجاء توضيح عبارات النووي في كتابه المنهاج,وهي:فَحَيْثُ أَقُولُ: فِي الْأَظْهَرِ أَوْ الْمَشْهُورِ فَمِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ، فَإِنْ قَوِيَ الْخِلَافُ قُلْت الْأَظْهَرُ وَإِلَّا فَالْمَشْهُورُ، وَحَيْثُ أَقُولُ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ فَمِنْ الْوَجْهَيْنِ أَوْ الْأَوْجُهِ، فَإِنْ قَوِيَ الْخِلَافُ قُلْت: الْأَصَحُّ وَإِلَّا فَالصَّحِيحُ، وَحَيْثُ أَقُولُ: الْمَذْهَبُ فَمِنْ الطَّرِيقَيْنِ أَوْ الطُّرُقِ، وَحَيْثُ أَقُولُ: النَّصُّ فَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَيَكُونُ هُنَاكَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَوْ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ وهل هذه المصطلحات عامة ؟وشكرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أوضح شارحوا منهاج الطالبين معنى كلام الإمام النووي رحمه الله فقال العلامة جلال الدين المحلي: فحيث أقول: في الأظهر أو المشهور، فمن القولين أو الأقوال للشافعي رضي الله عنه، فإن قوي الخلاف لقوة مدركه قلت: الأظهر المشعر بظهور مقابله وإلا فالمشهور المشعر بغرابة مقابله لضعف مدركه وحيث أقول: الأصح أو الصحيح، فمن الوجهين أو الأوجه للأصحاب يستخرجونها من كلام الشافعي رضي الله عنه فإن قوي الخلاف قلت: الأصح وإلا فالصحيح ولم يعبر بذلك في الأقوال تأدبا مع الإمام الشافعي رضي الله عنه كما قال، فإن الصحيح منه مشعر بفساد مقابله، وحيث أقول: المذهب، فمن الطريقين أو الطرق وهي اختلاف الأصحاب في حكاية المذهب كأن يحكي بعضهم في المسألة قولين أو وجهين لمن تقدم، ويقطع بعضهم بأحدهما، ثم الراجح الذي عبر عنه بالمذهب إما طريق القطع، أو الموافق لها من طريق الخلاف، أو المخالف لها كما سيظهر في المسائل، وما قيل من أن مراده الأول وأنه الأغلب ممنوع وحيث أقول: النص، فهو نص الشافعي رحمه الله ويكون هناك أي مقابله وجه ضعيف أو قول مخرج من نص له في نظير المسألة لا يعمل به. اهـ.
وقال الشيخ رجب نوري في دليل المحتاج شرح المنهاج: فالأقوال إذن هي أقوال الإمام في القديم أو الجديد أو القديم والجديد معاً وقد يرجِّح بينهما وقد لا يرجِّح.
والوجهين أي وبيان الوجهين أو الأوجه: وهي أقوال أصحاب الشافعي التي خرجوها على قواعده ونصوصه وقد يجتهدون في مسائل من غير أخذ عن أصوله فلا تسمى وجهاً كما فعل المزني وأبو ثور، فتنسب هذه المسائل إليهم ولا تعد وجوهاً في المذهب.
والطريقين أي: وبيان الطريقين أو الطرق، وهو اختلاف الأصحاب في حكاية المذهب، فيحكي بعضهم نصين أو نصوصاً، ويحكي بعضهم نصوصاً مغايرة، كأن يقول أحدهم: في المسألة قولان أو وجهان، فيقول الآخر: بل قول واحد أو وجه واحد، أو يقول أحدهم: في المسألة تفصيل، فيقول الآخر: بل فيها خلاف مطلق.
والنص أي وبيان النص، وهو ما كتبه الشافعي أو أُسْنِد إليه من غير معارض.
ومراتب الخلاف من حيث القوة والضعف وهي في الأقوال والأوجه لتمييز الراجح من غيره في جميع الحالات أي أنه إذا ذكر خلافاً بيَّن مرتبته خاصة إذا كان الذي يقابل النص وجه أو تخريج.
(فحيث أقول الأظهر أو المشهور فَمِنْ) أي أن أحدهما كائن من جملة القولين أو الأقوال للإمام الشافعي فإن قَوِيَ الخلاف لقوة دليل غير الراجح وعدم شذوذه أو تكافؤ دليليهما في أصل الظهور. ويمتاز الراجح بكون معظم الأصحاب عليه أو بكون دليله أوضح وأحياناً لا يقع تمييز بين الراجح وغيره.
قلت: الأظهر وهو الرأي الراجح من القولين إذا كان الاختلاف قوياً، لأن كلاً منهما يعتمد على دليل قوي. وقوله الأظهر يشير إلى قوة مقابله وأحياناً يشار إلى ذلك بقولهم: وفي قول وإلا يَقْوَ الخلافُ فالمشهور المشعر بغرابة مقابله، فالمشهور إذن هو الراجح من القولين أو الأقوال إذا كان الاختلاف ضعيفاً، وفي مقابله المرجوح الضعيف ويقال فيه أيضاً: وفي قولٍ.
وحيث أقول: الأصح أو الصحيح فمن الوجهين أو الأوجه فإن قوي الخلاف قلت الأصح أي أن الأصح هو الحكم الراجح في المذهب من بين آراء الأصحاب وذلك عند قوة الخلاف ولكل وجهٍ دليل ظاهر وقوي، وأحياناً يكون الأصح من الوجوه والآراء بترجيح مجتهد آخر وإلا يَقْوَ الخلاف فالصحيح وهو الراجح من آراء الأصحاب فالوجه المعتمد من آرائهم هو الصحيح وهو المشعر بانتقاء الصحة عن مقابله وأنه فاسد وضعيف ويعبرون عنه بقولهم: وفي وجهٍ. وقد أطبق علماء المذهب على أن التعبير بالصحيح قاضٍ بفساد مقابله وعلى هذا نُدِبَ الخروج منه. وإذا قلنا: إن الفساد حقيقي، فقد يكون بالنسبة لقواعدنا دون قواعد غيرنا فليتنبه لذلك.
وحيث أقوال: المذهب، فمن الطريقين أو الطرق أي هو اختلاف الأصحاب في حكاية المذهب فيقول بعضِهم مثلاً: في المسألة قولان أو وجهان، ويقول بعضهم: في المسألة تفصيل، ويقول بعضٌ: هو قول واحد ولا نص سواء، ويقول بعض: في المسألة خلاف مطلق...
وحيث أقول النص فهو نص الإمام الشافعي ويراد به ما كتبه الشافعي أو أسْنِد إليه.. ويكون هناك وجه مقابل للنص ضعيف وهو خلاف الراجح لا يعتمد، وإن كان في دليله قوة أو قول مخرج والتخريج أن يجيب الشافعي بحكمين مختلفين في صورتين متشابهتين ولم يظهر الفرق بينهما فينقل الأصحاب جوابه في كل صورة إلى الأخرى فيحصل في كل صورة منهما قولان: منصوص ومخرج أحدهما في الأولى والآخر في الثانية، والغالب في مثل هذا عدم إطباق الأصحاب على التخريج بل منهم من يُخرِّج ومنهم من يبدي فرقا ًبين الصورتين، ومن ذلك النص في مُضْغة قال القوابل: لو بقيت لتصورت إنساناً، دليل على انقضاء العدة؛ لأن مدار العدة على براءة الرحم وقد وجد. وعدم حصول أمية الولد لأن مدارها على وجه الولد ولم يوجد. اهـ.
وأما السؤال عن عموم هذه المصطلحات، فجوابه: هذه المصطلحات إنما قررها الإمام النووي والتزمها في كتابه، وأما في عموم مؤلفات المذهب فقد يستعمل أحد هذه المصطلحات مكان الآخر.
قال الرملي في نهاية المحتاج: اصطلاح حسن، ابتكره لم يسبق إليه.. قال بعضهم: إن المؤلف وفَّى بما التزمه في جميع اصطلاحاته في هذا الكتاب من غير شك ولا ارتياب.... قال الرافعي في آخر زكاة التجارة: وقد تسمى طرق الأصحاب وجوها، وذكر مثله في مقدمة المجموع فقال: وقد يعبرون عن الطريقين بالوجهين وعكسه. اهـ.
وقال الشيخ رجب نوري: قد يستعملون الوجهين في موضع الطريقين، وقد وقع ذلك في المهذب في مسألة ولوغ الكلب، وقد يستعملون القولين بدلاً من الوجهين، كما في المهذب في باب كفارة الظهار إذا أفطرت المرضع، ومنه قول صاحب المهذب: في زكاة الدين المؤجل وجهان أحدهما على قولين، والثاني يجب. اهـ.
والله أعلم.