عنوان الفتوى : الرؤيا المنسوبة للشيخ أحمد خادم الحجرة النبوية كذب ودجل
سؤالي هو: أتاني رابط لفيديو على موقع اليوتوب أتمنى بشدة أن أعرف صحة الكلام الموجود فيه وصحة الأحاديث الشريفة مضمونا و تفصيلا لكل كلمة، مع العلم أنه يأتني كثيرا ما يشابه هذا الكلام من فترة لأخرى أتمنى إفادتي أفادكم الله وجزاكم خيرا هذا رابط الفيديو: http://www.youtube.com/watch?v=Gf-3ymEgDa4
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق لنا بيان الدجل والكذب في مثل هذه الرسائل المنسوبة لخادم الحجرة النبوية، فراجع الفتويين: 51772 ، 73402.
وللشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ مقالة مشهورة ومطولة في الرد على هذه الرسالة. وكذلك لللجنة الدائمة فتوى مطولة في ذلك، جاء فيها : والرؤيا المنسوبة إلى الشيخ أحمد خادم الحجرة النبوية إن لم تصح نسبتها إليه كانت مصطنعة مفتراة وهذا هو الظاهر، فإنه لا يزال مدع مجهول يسمي نفسه: الشيخ أحمد، ويدعي أنه رأى هذه الرؤيا، وقد توفي الشيخ أحمد خادم الحجرة من زمن طويل، كما أخبر بذلك أهله وأقرب الناس إليه حينما سئلوا عن ذلك، وأنكروا نسبة هذه الرؤيا إليه، وهم ألصق الناس به وأعرفهم بحاله، وإن صحت نسبتها إليه فهي إما كذب منه وافتراء على النبي صلى الله عليه وسلم، وإما أضغاث أحلام وخيال كاذب، وتلبيس من الشيطان على الرائي، وليست رؤيا صادقة، والذي يدل على أنها كذب وبهتان أو خيال وزور ما اشتملت عليه مما يتنافى مع الواقع وشريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما منافاتها للواقع فإنها لا تزال تدعى وتنشر مرات بعد وفاته، وقد أنكر أهله وألصق الناس به نسبتها إليه حينما سئلوا عن ذلك. وأما منافاتها للشريعة الإسلامية، فلما اشتملت عليه من الأمور الآتية:
أولا: الإخبار فيها عن تحديد عدد من مات من هذه الأمة على غير الإسلام من الجمعة إلى الجمعة، وهذا من أمور الغيب التي لا يعلمها البشر، إنما يعلمها الله، ومن يظهره عليها من رسله في حياتهم، وقد انقطعت الرسالة من البشر بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ {النمل:65}
وقال: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا* إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا {الجن:26، 27}
وقال: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ {الأحزاب:4}
ثانيا: إخباره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له: (أنا خجلان من أفعال الناس القبيحة ولم أقدر أن أقابل ربي والملائكة). فإنه من الزور والأخبار المنكرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم أحوال أمته بعد وفاته، بل لا يعلم منها أيام حياته في الدنيا إلا ما رآه بنفسه أو أخبره به من اطلع عليه من الناس، أو أظهره الله عليه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: خطب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: « إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا ، ثم قرأ: إلى أن قال: ألا إنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول يا رب، أصحابي، فيقال: لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح، فيقال: إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم. رواه البخاري.
وعلى تقدير أنه يعلم أحوال أمته بعد وفاته فلا يلحقه بذلك حرج، ولا يصيبه من وراء كثرة ذنوبهم ومعاصيهم إثم ولا خجل، وقد ثبت في حديث الشفاعة العظمى أن أهل الموقف كفارا ومسلمين يستشفعون بالأنبياء واحدا بعد آخر حينما يشتد بهم هول الموقف، فيعتذر كل منهم عن الشفاعة لهم عند الله، ثم ينتهي أهل الموقف إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيسألونه أن يشفع لهم عند الله، فيستجيب لهم ولا يمنعه من الشفاعة لهم كثرة معاصيهم أو كفر الكافرين منهم ولا يخجل من ذلك، بل يذهب فيسجد تحت العرش ويحمد ربه ويثني عليه بمحامد يعلمه إياها حتى يأمره أن يرفع رأسه وأن يشفع لهم، وبعد ذلك ينصرفون للحساب والجزاء.. ولم يمنعه شيء من ذلك من لقاء ربه ومقابلة الملائكة، ولم يلحقه منه عار.
ثالثا: إخباره بالجزاء العظيم الذي يترتب على كتابة هذه الوصية ونقلها من محل إلى محل أو من بلد إلى بلد، وتعيين جزاء الأعمال وتحديده من الأمور الغيبية التي لا يعلمها إلا الله، وقد انقطع الوحي إلى البشر بوفاة خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام، فادعاء العلم بذلك باطل، وقد ادعاه الشيخ أحمد المزعوم حيث قال في الوصية المكذوبة: (ومن يكتبها ويرسلها من بلد إلى بلد ومن محل إلى محل بني له قصر في الجنة)، وقال: (ومن يكتبها وكان فقيرا أغناه الله، أو كان مدينا قضى الله دينه، أو كان عليه ذنب غفر الله له ولوالديه) فهو كاذب في ذلك. وكذا إخباره من الوعيد الشديد الذي يصيب من لم يكتبها ويرسلها، وتعيينه إياه بأنه يحرم شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ويسود وجهه في الدنيا والآخرة، حيث قال فيها: (ومن لم يكتبها ويرسلها حرمت عليه شفاعتي يوم القيامة) وقال: (ومن لم يكتبها من عباد الله اسود وجهه في الدنيا والآخرة) فهذا أيضا من الغيب الذي لا يعلم بتحديده إلا الله، فإخباره به وقد انقطع الوحي إلى البشر رجم بالغيب وكذب وزور. وكذا قوله فيها: (ومن يصدق بها ينجو من عذاب النار، ومن يكذب بها كفر) فهذا أيضا زور وبهتان، فإن التكذيب بالرؤيا الصادرة من غير الأنبياء لا يعد كفرا بإجماع المسلمين.
رابعا: إن كل ما أخبر به من الوعد والوعيد على سبيل التعيين والتحديد يتضمن تشريعا بالحث على كتابة الوصية وإبلاغها ونشرها بين الناس للعمل بها واعتقاد ما فيها رجاء المثوبة التي حددها، ويتضمن تشريع تحريم كتمانها والتفريط في إبلاغها ونشرها والتحذير من ذلك خشية أن يحيق بمن كتمها أو فرط في نشرها ما أخبر به من الوعيد الشديد بحرمانه من الشفاعة واسوداد وجهه.
خامسا: عدم التناسب بين ما أخبر به من الجزاء والأعمال، وهو دليل الوضع والكذب في الإخبار، إلى غير هذه الأمور من الأكاذيب فيجب أن يحذر المسلم هذه الوصية المزعومة ويعمل على القضاء عليها .اهـ.
والله أعلم.