عنوان الفتوى : حسان بن ثابت على فضله وقع في الإفك وتاب منه
قرأت في تفسير آية الإفك: أن ممن رمى أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ حسان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم ـ وأن الحد أقيم عليه، والذي نعرفه أن من جاء بالإفك هم المنافقون فكيف يكون حسان بن ثابت منهم؟ وهو صحابي جليل تروى عنه الأحاديث!.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن حسان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ قد روى له الجماعة، كما قال الذهبي في السير، وهو شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه وأحد أنصاره الذين قال الله فيهم: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ.
{ التوبة: 100 }.
وقد ورد في الصحيحين والمستدرك وغيرها جملة من الأحاديث في فضائل حسان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ من ذلك ما رواه هشام بن عروة عن أبيه قال: ذهبت أسب حسان عند عائشة فقالت لا تسبه، فإنه كان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري ومسلم.
وقال عروة، كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان، وتقول: إنه الذي قال:
فإن أبي ووالده وعرضي * لعرض محمد منكم وقاء.
رواه البخاري.
وأما كونه ممن شارك في الإفك: فهو ثابت، فقد روى مسلم عن عائشة أنها قالت: وكان الذين تكلموا به مسطح وحمنة وحسان.
وروى أبو داود عنها بسند حسنه الألباني أنها قالت: لما نزل عذري قام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فذكر ذلك وتلا القرآن، فلما نزل من المنبر أمر بالرجلين والمرأة فضربوا حدهم.
وقد بينت الروايات أن من خاض في الإفك قد تاب - ماعدا ابن أبي - وقد اعتذر حسان ـ رضي الله عنه ـ عما كان منه وقال يمدح عائشة بما هي أهل له:
حصان رزان ما تزن بريبة * وتصبح غرثى من لحوم الغوافل
حليلة خير الناس دينا ومنصبا * نبي الهدى والمكرمات الفواضل
عقيلة حي من لؤي بن غالب * كرام المساعي، مجدها غير زائل
مهذبة قد طيب الله خيمها * وطهرها من كل سوء وباطل
فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتم * فلا رفعت سوطي إلي أناملي
وإن الذي قد قيل ليس بلائط * بها الدهر، بل قول امرىء بي ماحل
فكيف وودي ما حييت ونصرتي لآل نبي الله زين المحافل
له رتب عال على الناس كلهم * تقاصر عنه سورة المتطاول.
هذا وننبه إلى أن من أخطأ في حق عائشة بعد ما جاء في القرآن من براءتها، يعتبر مكذبا للقرآن، وقد ذكر النووي في شرح مسلم: أن من اتهمها كفر، لمخالفته القرآن.
والله أعلم.