عنوان الفتوى : لا حرج على من يحج كعامل خدمة للحجاج
أنا حججت ومقتدر. هل يمكن أن أحج بدون تأشيرة حج كحج عمالة أو ما شابه ذلك. ولو أني غير مقتدر ولم أحج فهل يحق لي الحج بدون تأشيرة حج كحج العمالة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا حرج على المسلم في أن يحج ويجمع مع حجه ابتغاء فضل الله تعالى بالعمل في الحج، وإن كان الأولى أن يكون خروجه متمحضا للحج، ولكن إذا جمع بين الحج والعمل كأن يخرج عاملا في شركة لخدمة الحجيج ونحو ذلك لم يكن عليه حرج في ذلك، سواء كان غنيا مستطيعا للحج أو كان فقيرا لا يقدر على الحج، وقد أذن الله تعالى لعباده في الاشتغال بالتجارة ونحوها في مواسم الحج، فقال تعالى: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ. {البقرة: 198}.
قال القاسمي رحمه الله في تفسيرها: { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ }. قال الراغب : كانت العرب تتحاشى من التجارة في الحج، حتى إنهم كانوا يتجنبون المبايعة إذا دخل العشر ، وحتى سموا من تولى متجراً في الحج : الداج دون الحاج ؛ فأباح الله ذلك، وعلى إباحة ذلك دل قوله : { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ } - إلى قوله - : { لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ }. [ الحج : 27 ] ، وقوله : { وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ }. [ المزمل : 20 ] .
وقد روى البخاري عن ابن عباس قال : كان ذو المجاز وعكاظ متجر الناس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا ذلك حتى نزلت : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ }. في مواسم الحج .
ففي الآية الترخيص لمن حج في التجارة ونحوها من الأعمال التي يحصل بها شيء من الرزق - وهو المراد بالفضل هنا - ومنه قوله تعالى : { فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ }. [ الجمعة : 10 ] . أي : لا إثم عليكم في أن تبتغوا في مواسم الحج رزقاً ونفعاً وهو الربح في التجارة مع سفركم لتأدية ما افترضه عليكم من الحج. انتهى.
والله أعلم.