عنوان الفتوى : زوجها يضربها ضرباً مُبرحاً

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

لقد تزوجت من رجلي لأني ظننته مسلما صالحا ، يهتم بمسألة نشر الإسلام العمل على رفع كلمة الله – سبحانه وتعالى – عن طريق مساعدة المسلمين. كنت أرغب في إنهاء ارتباطي به عندما كنا مخطوبين قبل 4 أعوام لأنه كان يتلفظ بكلمات غير جيدة تجاهي، وكان يجرح شعوري، ويسيء إلى عواطفي. إلا أنه وعد أنه سيصبح لطيفا بعد الزواج وأن سبب فظاظته تلك كان يعود إلى أنه لم يكن يعمل. وحيث أن المسلمين عليهم أن يوفوا بما تعهدوا به، فقد صدقته ووثقت فيه، ووافقت على الزواج منه. ومنذ أن تزوجنا، استفحل أمره وأصبح يؤذيني جسديا، حتى أنه يلكمني ويخنقني. وقد علم والداي بالأمر أخيرا قبل 8 أشهر تقريبا. وقد تركته وذهبت إلى بيت أهلي لعدة أسابيع. وقد أخبراني أن علي أن أمنحه فرصة أخرى لأن من الممكن أن يكون الشخص الذي قد أتزوج به مستقبلا أن يكون هو أيضا مثله تماما، إن لم يكن أسوء حالا منه. وقالا إن جميع المطلقات ينتهي بهن المطاف أن يتزوجن رجالا أسوء حالا من سابقيهم. وقد حضر معتذرا وقاطعا على نفسه العهد بتغيير أسلوبه في توجيه الكلام الجارح، وكونه يدقق في كل أمر، وأن يمتنع عن الأذية. وقد كان اتفاقنا أن أعود إليه لأرى ما إذا كان قد تغير حقيقة أم لا. وبعد أن رجعت إليه، تغير حاله مدة بسيطة جدا. وقد كان يسئ إلي في كلامه ويجرح عواطفي. وقد كان يؤذيني جسديا بدرجة قليلة. وقد سدد إلى بعض اللكمات - ضربني - قليلا. وبما أن هذه هي الطريقة التي تطور بها آذاه أولا عندما تزوجنا حيث تطور من القليل وزاد وأصبح يؤذيني بكثرة، فقد قررت بعد شهرين من ذلك أنه لم يتغير وأخبرت أهلي بذلك... فهل يجوز لي طلب الطلاق ؟.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله

نسأل الله أن يعينك على ما تواجهينه من المصائب ، وأن يكتب لك أجر الصابرين إنه جواد كريم .

وينبغي على الزوج أن يعلم أنه راعٍ ومسئول عن رعيته ، وأن الله تعالى قد أوجب عليه المعاشرة بالمعروف ، والإحسان لأهله ، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول : " خيركم : خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي " رواه الترمذي ( 3895 ) وابن ماجه ( 1977 ) وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 3314 ) ، ومِن الإحسان والمعاشرة بالمعروف أن لا يضرب الزوج امرأته ضرباً مبرحا ولا يقبح الوجه ، ولْيعلم أنه بذلك مفرِّط في الأمانة التي ائتمنه الله عليها .

ونسمع عن كثيرٍ من الناس يتعذر عليه أو يتعسر أن يجد عملاً يُرزق منه ، وقد تطول مدة بحثه عن عمل مناسب ، فنسمع عن كثير من هؤلاء أنهم يقهرون نساءهم ويضربونهن وكأنهن السبب فيما يحدث معه ، وكأن هذا مما يسوِّغ أفعاله المشينة ، وعلى هؤلاء أن يتقوا الله وأن يعلموا أنهم أحوج ما يكونون إلى طاعة الله والبعد عن المحرمات ، لا أن يقترفوا الآثام ويسوغوا ذلك لأنفسهم .

ولا بد أن يعلم المسلم أنه في دار بلاء وامتحان فعلى المسلم أن يتحلى بالصبر على كل ما يعترضه في حياته ، وأن يُلح على الله بالدعاء في أن يُفرج عنه ما نزل به من المصائب ، فهو سبحانه مفرج الهموم ، وكاشف الغموم ، ومجيب دعوة المظلوم ، سبحانه وبحمده ، لا تخفى عليه خافيه ، ولا يُعجزه شيء في السموات ولا في الأرض ، له الحمد في الأولى والآخرة .

وهو سبحانه أكرم الأكرمين .. ما تقرب إليه عبده إلا كان أسرع تقرباً إلى عبده منه .. فقد روى البخاري (6856) ومسلم (4832) في صحيحهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً " .

وبالنسبة لك أيتها الأخت السائلة .. فقد ابتلاك الله برجل سيئ الخلق ، وبناءً على ما ذُكر في السؤال فإنه يجوز لك طلب الطلاق ( وهو ما يُسمى بالخلع ) لأن الحياة مع هذا وأمثاله لا تُطاق ، ولعل الله أن يخلفك خيراً من هذا الرجل ، فإن لم تجدي غيره فبقاؤك بلا زواج في بيت والدك معززة مكرمة خيرٌ لك من البقاء مع هذا الرجل ، إذا لم تخشَيْ على نفسك الفتنة أو الوقوع في المحرم ، أما إن خفت على نفسك من الفتنة فالصبر على أذى الدنيا مع هذا الرجل أهون من الصبر على عذاب الله .

وهناك أسباب تُبيح للمرأة الخلع من زوجها موجودة في السؤال ( 1859 ) من هذا الموقع .

والله أعلم .