عنوان الفتوى : حكم تبديع من يقول بجواز الاستعانة بالجن
سؤال لأهل العلم حول التكفير: انتشرت في الفترة الأخيرة مسألة التساهل في التفسيق والتبديع والتكفير بسبب الاختلاف في مسائل يسوغ فيها الاجتهاد مما سبب الفرقة بين المسلمين والتناحر والتباغض، ومن هذه المسائل ـ حفظكم الله تعالى ـ مسألة حكم الاستعانة بالجن في الأمور المباحة؟ وسؤالي ليس في حكم الاستعانة بالجن وهل هو حرام أو حلال؟ ولكن سؤالي هل هذه المسألة مما يسوغ فيها الاجتهاد ؟ وهل يفسّق ويكفّر من رأى الاستعانة بالجن بضوابط شرعية كما ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية وفهمها عنه الشيخ ابن عثيمين وغيره، لاسيما إذا كان الشخص على قدر من العلم الشرعي وعلى تقوى وصلاح. أفتونا مأجورين؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بينا في الفتوى رقم: 103867، مع إحالاتها ضوابط التبديع والتكفير، وننبه إلى أنه كما لا ينبغي التساهل في تبديع الناس وتكفيرهم، فلا ينبغي كذلك لمز الحريصين على السنة بالبعد عن الشرع والابتداع، بل ينبغي وزن الأمور كلها بميزان الشرع مع حسن الظن بالمسلمين، وسؤال العبد لربه أن يهديه للحق فيما اختلف فيه.
وأما الاستعانة بالجن فقد أباحها شيخ الإسلام فيما كان مباحا بشرط كون المستعين بهم عالما بالشرع يأمن من أن تنطلي عليه خدعهم وشبهانهم. ونحن نرجح خلاف هذا كما بينا في عدة فتاوى سابقة يمكنك الاطلاع عليها عند البحث عن كلمة الاستعانة بالجن.
وأما التبديع لمن يقول يجوز الاستعانة بهم فلا نراه صوابا لأن المسألة ليست منصوصة، وضابط الاجتهاد السائغ هو أن يكون موافقا لبعض الأدلة الشرعية بوجه ما، والقائل بجواز الاستعانة بالجن يحتج ببعض العمومات منها حديث مسلم: من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل. وعموم حديث مسلم: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
وعلى هذا فإن كان الجني مسلما فيشرع أن يعين أخاه الإنسي وللمسلم أن يستعين به، وإن كان كافرا فهو مثل الكافر الإنسي الذي يستعان به فيما هو مباح. ولكنا رجحنا خلاف هذا لأن الجن أهل كذب وخداع فلا يؤمن تضليلهم وخداعهم، ولا يؤمن أن يتصل بهم المشعوذون ويتعاملون معهم تعاملا محرما أو شركيا ويخدعون السذج من الناس بذلك.
والله أعلم.