عنوان الفتوى : الأم الراعية لأولادها اليتامى تؤتى أجرها مرتين
هل تؤجر الأم إن ربت أولادها بعد وفاة زوجها كأجر كافل اليتيم؟؟ - وإن أرادت أن تتزوج الأم بعد ست سنوات من وفاة زوجها زواجاً شبه مسيار ظاهريا ليس زواج مسيار لكن جوهريا يعتبر كذلك، وذلك حرصا على تربية الأولاد من دون أن يتدخل أحد في تربيتهم أو أن يتفضل أحد عليهم بشيء، هل يحتسب للأم أجر كفالة اليتيم بالرغم من زواجها أم أنه يسقط عنها أجر كفالة اليتيم على الرغم أنها تستطيع أن تتزوج زواجاً عادياً، لكن لأجل أولادها ولأجل أن تعف نفسها أرادت أن تقدم على زواج من هذا النوع، والرجل الذي وقع عليه الاختيار من بيت علم ودين، لكني محتارة في ذلك الأمر فهل لكم أن تتفضلوا علينا بالنصح والتوجيه الصحيح...ممتنين لكم جهودكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمرأة إذا أحسنت تربية أولادها اليتامى، وقامت برعايتهم تؤجر من ناحيتين:
الأولى: أنها تؤجر أجر كافل اليتيم.
والثانية: أنها تؤجر أجر من ابتلي بشيء من البنين، فصبر عليهم، وأحسن تربيتهم، وبيان ذلك كالآتي:
أما الأجر الأول: فلما رواه مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة، وأشار مالك بالسبابة والوسطى" قال سليمان الباجي في المنتقى شرح الموطأ: قوله عليه الصلاة والسلام: "له أو لغيره" يحتمل - والله أعلم - أن يكون الكافل امرأة فتكفل اليتيم وهو ابنها، ويحتمل أن يريد الرجل يكفل يتيماً من أقاربه، لأن اليتيم من بني آدم بموت الأب دون الأم. ا.هـ.
والصحيح أن عموم الحديث يشمل الأم وغيرها على السواء، وروى أبو يعلى بسند حسنه ابن حجر الهيثمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا أول من يفتح باب الجنة، إلا أني أرى امرأة تبادرني، فأقول مالك ومن أنت؟ تقول: امرأة قعدت على أيتام لي" ولمزيد من الفائدة تراجعين الفتوى رقم: 12913.
وأما الأجر الثاني: فلما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني امرأة ومعها ابنتان لها، فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة، فأعطيتها إياها، فأخذتها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها شيئاً، ثم قامت فخرجت وابنتاها، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثته حديثها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من ابتلي من البنات بشيء، فأحسن إليهن، كن له ستراً من النار".
والمراد بالإحسان إليهن صيانتهن، والقيام بما يصلحهن من نفقة وكسوة، وتعليم، وتأديب، ونحو ذلك.
ومما ينبغي التنبيه عليه هنا: أن بعض كفلاء الأيتام ووالدي الأبناء يظن أن الإحسان بهم هو أن لا يضربهم ولا يزجرهم عما لا يليق مطلقاً، وهذا خطأ نشأ بسببه بعض الصبيان على سوء الأدب والميوعة، ونحو ذلك.
فالإحسان بهم يكون بالترغيب، والضرب حسبما يقتضيه الحال، فليتنبه لهذا.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "من ابتلي بشيء..." يصدق على القليل والكثير، فيتناول الواحدة، وكلما زدن زاد الأجر بإذن الله.
وخص البنات لضعف قوتهن، وقلة حيلتهن، وزيادة كلفتهن والاستثقال الذي يحصل بهن عند بعض الناس، ونحو ذلك، وإلا فالحكم يشمل الذكور على القول الراجح، وما ورد في هذا الحديث إنما هو واقعة مخصوصة، فلا يكون لها مفهوم، ويدل لهذا ما ورد في كافل اليتيم والإحسان إليه، ولم تخص بذلك الأنثى، قد روى الطبراني في معجمه الكبير ومعجمه الصغير بسند فيه ضعف يسير عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ابناها، فسألته فأعطاها ثلاث تمرات لكل واحد منهم تمرة، فأعطت كل واحد منهما تمرة، فأكلا، ثم نظرا إلى أمهما فشقت التمرة نصفين، وأعطت كل واحد منهما نصف تمرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "قد رحمها الله برحمة ابنيها"
وزاوج المسيار جائز لا حرج فيه، كما في الفتوى رقم: 3329.
خصوصاً إذا قصدت المرأة من ورائه تربية أبنائها، والإنفاق عليهم من مالها، وعدم تدخل الزوج أو غيره فيهم، ولا يمنع الزواج الأجر الذي تحصل عليه المرأة - إن شاء الله - وقد سبق بيانه.
والله أعلم.