عنوان الفتوى : إرخاء اللحى من هدي الأنبياء ولو أ طلقها المشركون
1 إذا كان الرسول _صلى الله عليه و سلم_قد أمر باللحية ولكن لأجل الإختلاف عن المجوس والكفار فهل يجب تهذيبها لنختلف بذلك عن المجوس والكفار؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالأمر كما ذكر الأخ السائل أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بإعفاء اللحية وتوفيرها مخالفة للكفار بأصنافهم، وبذلك وردت الأحاديث الصحيحة.
ففي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خالفوا المشركين، وفروا اللحية، وأحفوا الشوارب".
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس" .
وفي مسند أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أعفوا اللحى، وخذوا الشوارب، وغيروا شيبكم، ولا تشبهوا باليهود والنصارى".
وكما ترى أيها الأخ الكريم، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الكفار بأصنافهم، فذكر المشركين، وهو يعم كل المشركين من العرب وغيرهم، وذكر المجوس، وذكر اليهود والنصارى.
ومن المحال أن يكون جميع هؤلاء يحلقون لحاهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، بل منهم من يحلق، ومنهم من يوفر لحيته، خاصة المشركين من العرب، فلم يكن يعرف عن العرب حلق اللحية.
فإذا علمنا أن منهم من يحلق لحيته، ومنهم من يوفرها، علمنا أن النبي صلىالله عليه وسلم لما أمرنا بمخالفتهم وإعفاء اللحية أراد تحقيق أمرين:
الأول: مخالفة هؤلاء الكفار أي الذين يحلقون لحاهم.
الثاني: موافقة الأنبياء، والعمل بمقتضى الفطرة، فإن إطلاق اللحية من هدي الأنبياء، وهو من سنن الفطرة، كما صح بذلك الحديث.
فإذا زال المقصود الأول، وفرضنا أن كفار العالم أطلقوا لحاهم، فإن المقصود الثاني -وهو الأهم- لا يزال باقياً، فيبقى الحكم ببقائه.
والله أعلم.