عنوان الفتوى : هل يزول الضعف عن الحديث الضعيف بتعدد طرقه
نحن نثبت العقيدة من الآيات الصريحة والآثار الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق أن بينا كلام أهل العلم في أنه لا يحتج بالحديث الضعيف في العقائد أو الحلال والحرام، وأنه يحتج به في فضائل الأعمال وفقا لشروط معينة، وعلى خلاف بين العلماء في الاحتجاج به في ذلك. فراجع الفتويين: 41058، 13202.
واعلم أن الحديث إذا كان ضعفه شديدا فإن إتيانه من طرق أخرى لا يزيده إلا ضعفا، ويكون أبعد من أن يحتج به في شيء، وإنما ينجبر ما كان الضعف فيه يسيرا، قال الشيخ طاهر الجزائري الدمشقي في كتابه: توجيه النظر إلى أصول الأثر: إن الحديث الضعيف قد يكون ضعفه ممكن الزوال وقد يكون غير ممكن الزوال. فإن كان ممكن الزوال وذلك فيما إذا كان الضعف ناشئا من ضعف حفظ بعض رواته مع كونه من أهل الصدق والديانة فإذا جاء ما رواه من وجه آخر عرفنا أنه قد حفظه ولم يختل فيه ضبطه فيرتفع بذلك من درجة الضعيف إلى درجة الحسن. ومثل ذلك ما إذا كان ضعفه ناشئا من جهة الإرسال كما في المرسل الذي يرسله إمام حافظ، فإن ضعفه يزول بروايته من وجه آخر فيرتفع بذلك من درجة الضعيف إلى درجة الحسن، ومثل الإرسال التدليس أو جهالة بعض الرجال. وإن كان ضعفه غير ممكن الزوال كالضعف ينشأ من كون الراوي متهما بالكذب أو كون الحديث شاذا فإن ضعفه لا يزول بروايته من وجه آخر فلا يرتفع بذلك من درجة الضعيف كحديث: من حفظ على أمتي أربعين حديثا بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء. فقد اتفقوا على ضعفه مع كثرة طرقه. اهـ.
ومن هذا القبيل حديث: أنا مدينة العلم وعلي بابها، ويمكنك أن تقرأ كلام العلماء فيه بالفتوى رقم: 33190. وأما حديث الثقلين فإن كنت تقصد به حديث غدير خم فهو حديث صحيح رواه مسلم، وراجع فيه الفتوى رقم: 68070.
ولا ندري أين وجدت علماء يحسنون أحاديث ضعيفة جدا لمجرد كثرتها. فإن حسنوها دل ذلك على أنها جاءت من طرق لم يكن الضعف فيها شديدا.
والله أعلم.