عنوان الفتوى : المريض بسلس البول يتوضأ لوقت كل صلاة... أم يصلي به صلواته كلها
أنا من الأشخاص الذين عليهم أن يتوضؤوا لكل صلاة؟ فهل أتوضأ بعد دخول وقت الصلاة أم يمكن أن أتوضا قبله بدقائق؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في صاحب السلس، هل يلزمه الوضوء لكل فرض بعد دخول وقته، ثم يصلي به ما شاء من النوافل، أم أنه يجوز له أن يتوضأ وضوءا واحداً، ويصلي به كل صلواته ما دام لم ينقض بناقض غير السلس الملازم له؟
فذهب أحمد والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي إلى أنه يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، واحتجوا بما رواه أبو داود والترمذي من حديث عدي بن ثابت عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المستحاضة: "تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتصوم وتصلي وتتوضأ عند كل صلاة." وصححه الشيخ عبد القادر الأرناؤط في تحقيق جامع الأصول
قال ابن قدامة: (إذا ثبت هذا، فإن هذه الطهارة مقيدة بالوقت، لقوله صلى الله عليه وسلم: "تتوضأ عند كل صلاة" ولأنها طهارة عذر وضرورة، فتقيدت بالوقت كالتيمم، فإن توضأ صاحبها قبل الوقت وخرج منه شيء، بطلت طهارته) ج:2/ص:341
وذهب مالك وعكرمة وربيعة إلى أن صاحب السلس يجوز له أن يتوضأ وضوءاً واحداً، ويصلي به صلواته كلها ما دام وضوؤه لم ينقض بناقض غير ذلك السلس الملازم له.
وهؤلاء احتجوا بما رواه مسلم من حديث فاطمة بنت حبيش أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها عندما شكت إليه الدم: "امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي وصلي" قالوا: ولم يأمرها بوضوء، وحكم صاحب السلس إنما أخذ بالقياس عليها.
والمذهب الأول أحوط، والقائلون به أكثر.
وعليه، فإن هذا السائل حكمه أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، وإن توضأ قبله -ولو بدقائق- وخرج منه شيء بطلت طهارته على رأي أهل المذهب الأول، وهو المذهب الذي نميل إليه وننصح به.
والله أعلم.