عنوان الفتوى : ضابط الأشياء المستقذرة
نعرف وللَّه الحمد الأشياء الطاهرة والأشياء النجسة، ولكن كيف نعرف الأشياء المستقذرة، وهل لعاب الإنسان ومخاطه ودمعه وعرقه مستقذرات، وهل الغبار والرمل والطين قذر، وهل الماء إذا خالطه شيء طاهر قد يصبح مستقذرا؟ ففي يوم ما رفعت ورقة فيها آيات واسم اللَّـه من على الأرض، وقد جاء عليها الغبار، وفيها آثار بقعة قد جفت ولا أعلم إن كانت طاهرة أم لا، وكذلك عليها بعض آثار الطين على ما أظن، واحتفظت بها على حالها، فهل يجب علي إزالة ما علق بها؟ وقد لا يزول، وهل بقاء ذلك عليها يعد امتهانًا لما فيها والعياذ باللَّه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما بخصوص هذه الورقة فإن كانت غير منتفع بها فعليك أن تحرقها لئلا تتعرض للامتهان، كما يمكن أن تدفنها بحيث لا تكون ممتهنة، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: ما تمزق من المصاحف والكتب والأوراق التي بها آيات من القرآن يدفن بمكان طيب بعيد عن ممر الناس وعن مرامي القاذورات، أو يحرق صيانة له، ومحافظة عليه من الامتهان لفعل عثمان رضي الله عنه. انتهى.
وإن كنت تريد الانتفاع بها فعليك أن تزيل عنها هذا الغبار وذلك الطين تكريماً لها وتنزيها لآيات الله تعالى وتعظيماً لشعائره، فإنه تعالى يقول: ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ {32}، وليس المطلوب في حق آيات الله تعالى تنزيهها عما يستقذر فحسب بل الواجب هو صيانتها ووقايتها عن كل ما يشعر بامتهانها، وإن لم يكن مستقذراً.
وأما ضابط الأشياء المستقذرة فإنه يرجع فيه إلى العرف، فهذا المستقذر لا يجب غسله ولا إزالته، وإنما يستحب ذلك تنزها عما يستقذر، وحرصاً على كمال النظافة.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: وفي الحديث دليل على استعمال المروءة والأدب، حيث وصف النبي صلى لله عليه وسلم البصاق في الثوب بأن (يحك بعضه ببعض) من أجل إذهاب صورة البصاق، لأن وجود صورة البصاق في الثوب تتقزز النفس منه، ويؤدي ذلك إلى كراهة الرجل، فأنت لو رأيت شخصاً -مثلاً- المخاط والأذى والقذر في ثوبه فستكره ذلك الرجل لا الثوب، فلهذا ينبغي للإنسان أن يزيل عن ثيابه الأذى والوسخ. انتهى.
فما أصاب بدن الإنسان أو ثوبه مما ليس بنجس ولكنه مستقذر كالمخاط والبصاق ونحوه استحب له إزالته لما ذكرنا..
وننبه السائل إلى أنه كثرت منه الأسئلة بخصوص الأوراق الملقاة التي تتضمن آيات أو أسماء الله تعالى ونحو ذلك، وعلاقتها بالكفر، وقد بينا أن فتح باب الوسوسة في هذا أو غيره فتح لباب شر عظيم يجره الإنسان على نفسه فليحذر.
والله أعلم.