عنوان الفتوى : كذبت على زوجها مرة فانعدمت الثقة والمودة بينهما

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

فضيلة الشيخ أنا امرأة متزوجة منذ ثلاث سنوات، ولدي بنتان، ولكن زوجي يريد الخلاص مني بأي طريقة لأنه فقد الثقة في، فلا يأتمنني على سر ولا مال، ولا يحكي لي شيئا عن حياته الخاصة، وهذا منذ أول شهر بيننا ودائم الخوف مني أن أسرقه وطوال السنوات التي مرت كنا في شجار ونزاع مستمر دون أن أعرف السبب، وذلك لأنني كذبت عليه مرة واحدة ورآني أمسك حقيبته الخاصة، وهو إنسان متدين يصلي ويصوم فماذا أفعل؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الشيطان أحرص ما يكون على إفساد العلاقة بين الزوجين وهدم كيان الأسر، لا سيما إن كانت أسرة مسلمة، فقد روى مسلم في صحيحه: إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئاً! ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت. فواجب على الزوجين الحرص على سد كل منفذ من منافذ الشيطان يؤدي إلى زعزعة الثقة بينهما، وعليهما البحث عن العلاج المناسب لما قد يطرأ من ذلك حتى يتم الإصلاح على أكمل وجه.

ولا شك أن ما حدث منك من كذب على زوجك كان له أثر في زعزعة الثقة بينكما، ولعل هذا من شؤم المعصية، فإن الكذب من المعاصي القبيحة التي لا تليق بالمؤمن، وكفى به أنه يهدي صاحبه إلى الفجور، ومن ثم إلى النار، كما في الحديث المتفق عليه: إن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً. وهو من خصال أهل النفاق، كما جاء في صحيح مسلم: آية المنافق ثلاث وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان.

فيجب عليك أيتها السائلة البعد عن هذه المعصية القبيحة، وأن تتوبي إلى الله منها، ثم عليك أن تحرصي على البعد عن مواطن التهم والشبهات، وأن تتجنبي كل ما عساه أن يورث زعزعة الثقة بينك وبين الناس عموماً وزوجك خصوصاً، لأن الإنسان إذا أورد نفسه موارد التهم فظن الناس به ظن السوء بسبب ذلك فلا يلومن إلا نفسه، وقد بينا هذه المسألة بأدلتها وكلام أهل العلم عليها في الفتوى رقم: 55903.

وفي المقابل فإنه لا ينبغي للزوج أن يظن بزوجته ظن السوء، وأن يكثر من الريبة فيها وفي تصرفاتها بلا داع، فهذا لا يجوز لقول الله تبارك وتعالى: اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث.. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً. وقال ابن سيرين رحمه الله: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً، فإن لم تجد فقل: لعل له عذراً لا أعرفه.

والذي ننصحك به في هذا المقام أن تبدئي بالتوبة إلى الله جل وعلا من ذنوبك ومعاصيك، فإن الذنوب لها أثر كبير في ضيق الحياة ونكد العيش، ثم عليك أن تصارحي زوجك بما تجدينه من ضيق بسبب ارتيابه فيك، وأن تأخذي بعد ذلك بالأسباب التي تزرع الثقة بينكما، وأهمها الصدق والأمانة والبعد عن مواطن التهم والشبهات، وإظهار المحبة لزوجك والحرص عليه وعلى ماله وأولاده وسائر مصالحه، مع الإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله جل وعلا أن يصلح لكما الحال والبال، وأن يؤلف بين قلوبكما، وأن يصرف عنكما كيد الشيطان ومكره.

والله أعلم.