عنوان الفتوى : حكم قراءة الكتب المكتوبة على طريقة الفلاسفة
صديقي قرأ كتابا فلسفيا يثبت وجود الله بالأدلة العقلية. وقد قال لي إن إيمانه وثقته ازدادت حيث إنه يستطيع محاجة الملاحدة وغيرهم. عندما أخبرته أن الفلسفة حرام وأن القرآن فيه دلائل عقلية ولا حاجة لهذه الكتب قال: ليست كل أنواع الفلسفة حراما، وإن هذا الكتاب هو فقط يشرح ويتوسع في هذه الدلائل العقلية ولا يختلف عن كتب ابن القيم مثلا التي تشرح مكارم الأخلاق وتتوسع في شرحها. هل فعلا ليست كل أنواع الفلسفة حراما؟ وهل قياسه الكتب التي تشرح الآيات والأحاديث على ذلك الكتاب صحيح؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالفلسفة في الأصل هي البحث عن الحكمة، وعرفها سقراط بأنها البحث العقلي عن حقائق الأشياء المؤدي إلى الخير. وهي بهذا المعنى أمر حسن، ولكن واقع الفلسفة هو الخوض في علم الكلام، وتحكيم العقل في العقائد ومنها الإلهيات والنبوات والغيبيات وغيرها. وبسبب ذلك انحرف الفلاسفة في هذه العقائد انحرافات خطيرة، حتى قالوا: بقدم العالم ونفي المعاد، ولهذا فإن السلف قد حذروا من الخوض في الفلسفة والكلام، كما سبق التنبيه عليه في الفتويين: 15514 ، 16115.
وسبق لنا أيضا التنبيه في الفتوى رقم: 109449 ، على أن من لم تكن له قدم راسخة في العلم الشرعي فعليه أن يحذر من دراسة الفلسفة.
وأما ما أُلِّف من الكتب على طريقة الفلاسفة وخلا من المخالفات الشرعية ومعارضة الوحي، وكان غرضه صحيحا، كالرد على الملاحدة المنكرين لوجود الله تعالى، فلا بأس بقراءته والاستفادة منه، وإن كنا نجزم أن طرق المحاجة والإقناع المستفادة من الوحي كتابا وسنة، هي أقرب الطرق وأيسرها، وأنفعها وأرفعها، وراجع في ذلك الفتويين: 111062 ، 18262 .
وقد سبق لنا ذكر طرف من الأدلة النقلية والعقلية على وجود الله تعالى والرد على الملحدين، في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 97683 ، 75468 ، 48913 ، 22279، 22055 ، 100160 ، 33504 ، 36191 ، 52377.
والله أعلم.