عنوان الفتوى : حكم الدلك وتكرار المسح في التيمم
شاهدت في التلفزيون شيخا يدرس التيمم من بلد غير بلادنا وأريد أن أستفسر من فضيلتك عن ثلاثة أشياء غير موجودة في فتاواكم السابقة. 1- الشيخ قال بأن من أراد التيمم عليه أن يضرب الأرض بكفيه ويمسح الوجه من أعلى مرورا بمسح الجفون من الخارج ثم نزولا إلى أسفل ومسح العنفقة ثم نزولا إلى أسفل الوجه. والشيخ لفت الأنظار إلى عدم التدليك حتى لا يمسح جزءا أكثر من مرة أي يمر فقط مرة واحدة. ألسنا في الوضوء نأخذ غرفة ماء وندلك على العضو ومهما تم التدليك فهو ماء طهور طالما لم يتساقط ويتحول إلى طاهر، وبالتالي من الممكن أن يمر أكثر من مرة على جزء من العضو، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ـ أخذ غرفة ماء ودلك بها ـ فهل يصح نفس الشيء في التيمم؟ أم أن التراب لو مر أكثر من مرة على جزء بطل التيمم؟. 2- في الضربة الثانية يمسح ظاهر اليد اليسرى بباطن كف اليمنى مرة واحدة وبالعكس، هل لو دلك اليدين فيما بينهما وخلل بين الأصابع يكون ذلك خطأ؟ لأن الشيخ قال: المسح مرة واحدة بباطن الكف على ظاهراليد الأخرى وتتدحرج بالأصبع لمسح جوانب الأصابع، إذا ضربت الأرض والأصابع مفرقة ألا تدخل التراب بينها؟ وعند التدليك لماذا يمشى متدحرجا بهذه الطريقة على جوانب الأصابع؟. 3ـ هل حد الوجه من أسفل في التيمم للنساء وحليقي اللحى مثل الوضوء حتى مجمع اللحين؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم ـ أخي السائل ـ أولا: أن للفقهاء أقوالا متعددة في الدلك في التيمم وحد الوجه فيه وتكرار المسح فلا تستغرب أن تسمع من أحد العلماء قولا مخالفا لما عليه أهل بلدك, وهذه من المسائل الفرعية التي تحتملها الأدلة ويدخلها الاجتهاد يسوغ فيها الخلاف ونحن نجيبك عما استشكلته وسألت عنه وهو الدلك, وتكرار المسح, وتخليل الأصابع، وحد الوجه.
فأما الدلك فمعناه: الضغط على الشيء عند مسحه أو غسله.
قال في لسان العرب: دَلَكَ الشيءَ يَدْلُكه دَلْكاً مَرَسه وعَرَكه. هـ .
وقد اختلف الفقهاء في الدلك عند التيمم: فمنهم من قال باستحبابه، ومنهم من قال لا يستحب, ولعل الشيخ المشار إليه يرى عدم الاستحباب، جاء في حاشية الجمل على المنهاج من كتب الشافعية: ولا يستحب الدلك في التيمم على خلاف فيه. انتهـى.
وأما تكرار المسح بمعنى إمرار اليد أكثر من مرة على العضو بتراب جديد لكل مرة فقد نصوا على كراهته، جاء في الموسوعة الفقهية في مكروهات التيمم: مَكْرُوهَاتُ التَّيَمُّمِ: يُكْرَهُ تَكْرَارُ الْمَسْحِ بِالاِتِّفَاقِ. انتهـى.
ولكن لم نجد أحدا من الفقهاء قال ببطلان التيمم بالدلك أو التكرار، وأما تخليل الأصابع فهو مستحب، جاء في الموسوعة الفقهية: أمّا تخليل أصابع اليدين بعد مسحهما، فقد صرّح الشّافعيّة والحنابلة باستحبابه احتياطاً ويفهم من كلام الحنفيّة ما يوافق ما صرّح به الشّافعيّة والحنابلة.
وذهب المالكيّة ـ في الرّاجح عندهم ـ إلى أنّه يلزم تعميم يديه لكوعيه مع تخليل أصابعه مطلقاً. انتهى.
وكيفية التخليل أن يشبك بين أصابع يديه ويدخل أصابع إحداهما بين أصابع الأخرى, وبهذا يعلم السائل أن التخليل مشروع وأن الدلك مختلف في استحبابه وتكرار المسح مكروه عند الجميع، مع ملاحظة أن من السنة في اليدين تقديم اليمنى على اليسرى وليس العكس.
وأما حد الوجه في التيمم فهو مثل حده في الوضوء، وقد قال الجمهور يجب تعميم مسحه، وقال الحنفية التعميم شرط لا ركن، جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء في تعميم أعضاء التّيمّم بالمسح، فقال المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة : يجب تعميم المسح على الوجه ويدخل فيه اللّحية ـ ولو طالت ـ لأنّها من الوجه لمشاركتها في حصول المواجهة والمعتبر توصيل التّراب إلى جميع البشرة الظّاهرة من الوجه، وإلى ما ظهر من الشّعر ولا يجب إيصال التّراب إلى ما تحت الحاجبين والشّارب والذراعين والعنفقة.
وقال الحنفيّة: تعميم الوجه واليدين بالمسح في التّيمّم شرط لا ركن. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 64048 ، عن مذاهب الفقهاء في أركان التيمم وسننه وآدابه , والفتوى رقم: 12499 عن الكيفية الصحيحة للتيمم.
والله أعلم.