عنوان الفتوى : هل يجب على الأب توفير سكن لمطلقته حاضنة ابنه

مدة قراءة السؤال : 3 دقائق

تزوجت من امرأة كنت أظنها ذات دين وأصل، ولكن بعد سنتين تبيّن لي ـ وبعد محاولات عديدة لإرشادها ونصحها وتوسيط أهلها، الذين لم يقوموا بتربيتها من سوء خلقها وقلة حيائها ـ ووصل بها نشوزها وتجبّرها وسوء تربيتها إلى أن دعت على والديّ بالإثم وقطيعة الرحم، فطلّقتها طلاقا سنيّا، وقد طلبت النفقة لها وأخذ جميع أغراضها فأعطيتها ذلك، مع العلم أنّها تُعد ناشزا لسبها وشتمها لي دون أدنى سبب، ولسوء خلقها وانعدام حيائها ـ وبالخصوص مع والدّيّ ـ لكني أقوم بإرسال النفقة لابنتي مقدمة لستة أشهر، وهي ترفض أخذ الألبسة التي أشتريها لابنتي ولكنّها لا ترفض المال، اتفّقت مع أحد وسطائها في شعبان 1429 بأن تّمة إجراءات للطلاق الإداري ـ طلاق بالتراضي ـ حال عودتي من الخارج، فقامت هي ووالداها بعد ذلك برفع دعوى قضائية ضدي أمام المحكمة الإدارية تطالب فيها بتطليقها وتمكينها من الحصول على أقصى تعويض عن الضرر الذي ألحقته بها كما تدّعي، وتمكينها من الحصول كذلك على مبلغ شهري لها لإيجار شقة أدفعه لها لممارسة الحضانة، علما بأنّها تسكن مع والديها في مسكن واسع من خمس غرف بطابقين وهم يملكون شقة أخرى فارغة من أربعة غرف، إضافة إلى ذلك تمكينها من الحصول كذلك على النفقة لابنتي واسترجاع حلِيٍ كانت قد أهدته أمّي لها سابقا من ذهبها ـ ودون علم والدي وموافقته ـ والذي استرجعه فيما بعد ـ ولحصولها على ذلك ادّعت وافترت عليّ الأكاذيب: بأنّني بعيد عن الإسلام وتعاليمه، وبأنّني طلقتها ثلاثاً، وبأنني أشبعتها ضربا مبرحاً، وبأنني لم أقم بواجباتي كزوج، وبأنني قمت بذلك كلّه بإشراف وتدبير من والدي، ولم أستطع الحضور إلى المحكمة، لأنّني كنت بالخارج وكانت لديّ ارتباطات كثيرة، فأصدرت المحكمة حكما بحصولها على مبلغ شهري لنفقة ابنتي، ومبلغ شهري آخر للإيجار، مع العلم أنّها تسكن مع والديها وبالتالي: فهي تأخذ هذا المبلغ لها، وتمكينها من استرجاع هذا الحُليّ، الذي ليس من صداقها، فما هو رأيكم فيما قامت به هذه المرأة وأهلها؟ وهل هو جائز شرعا؟.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا خلاف في أن ما قامت به هذه المرأة من سبك وإهانتك وتمردها عليك واتهامك زوراً أمام القضاء كل ذلك حرام لا خلاف في حرمته، وأما ما تطلبه منك من مسكن للحضانة فالأصل أن سكن المحضون يجب على الأب أو من تجب عليه نفقة المحضون، وأما مسكن الحاضنة ففيه خلاف، جاء ملخصاً في الموسوعة الفقهية الكويتية: ومذهب المدونة الذي عليه الفتوى أن أجرة المسكن على الأب للمحضون والحاضنة معاً، وقيل: تؤدي الحاضنة حصتها من الكراء، وقيل: تكون الأجرة على قدر الرؤوس، فقد يكون المحضون متعدداً، وقيل: للحاضنة السكنى بالاجتهاد، أي على قدر ما يجتهد الحاكم، وأما الشافعية والحنابلة فقد اعتبروا السكنى من النفقة، فمن تجب عليه نفقة الحاضنة يجب عليه إسكانها. انتهى.

والمفتى به عندنا هو ما رجحه ابن عابدين الحنفي: من أن المرأة إذا كان لها مسكن فإن ولدها يسكن تبعاً لها ولاتجب لها أجرة المسكن على والده، أما إذا لم يكن لها مسكن فواجب على والد الطفل أن يسكنها فترة الحضانة، وقد بينا هذا بالتفصيل في الفتوى رقم: 24435.

أما بخصوص هذا الذهب الذي وهبته لها أمك فقد صار ملكاً لها بمجرد القبض، فلا يجوز لأمك ولا لأبيك ولا لغيرهما أن يسترده منها، وبالتالي: فإنه لا حرج عليها في المطالبة به والواجب على من أخذه أن يرده لها، سئُل الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ ما حكم من رجع في هبته، وهو أنه أعطى رجلاً مبلغاً من المال على سبيل الهبة ثم رجع فيه؟ فأجاب: حكمه أنه آثم وعليه التوبة من ذلك، ورد الهبة إلى صاحبها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يرجع في قيئه. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده. انتهى.

والله أعلم.