عنوان الفتوى : لها صديقة بوذية أحبت الإسلام ولم تدخله ثم ماتت فهل تدعو لها

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

كان لي صديقة يابانية بوذية الديانة ، دعوتها إلى الإسلام والتوحيد مراراً وتكراراً ، ولكنها كانت تستمع لي تارة وترفض الاستماع تارة أخرى ، وكانت دائماً مشغولة فهي تعمل مدرسة في مدرسة ابنتي ، وكانت دائماً تزورنا وتأكل عندنا الطعام ، وعند حديثي عن الإسلام ورغبتي في دخولها الإسلام كانت تقول لي : أنا أحترم الإسلام جداً ، وتقول : إنه أحسن دين وأنه أحسن من البوذية . وعندما أطلب منها ألا تخلط ابنتي بالبنين في الدرج أو الصف ومسك الأيدي بين الأطفال كانت تحترم هذا كثيراً ولا تأخذه بسخرية أو استهزاء ، حتى أني طلبت منها أن تصلي ابنتي بزي الصلاة الظهر في المدرسة فلم ترفض ، وخصصت لها غرفة لصلاة ابنتي قبل موعد الغداء . وهكذا كنت أحس منها أنها تحترم الإسلام ولكنها يصعب عليها الدخول فيه ، لأنها ستحس بالغربة في وسط عائلتها والمجتمع الياباني ، وهذا حال اليابانين كلهم . ولكن الآن يا شيخي هي ماتت وأنا حزنت كثيراً ، وأحسست بذنب عظيم في أنها ماتت على غير دين الإسلام ، وأنني قصرت في دعوتها ، لكن الله يعلم أني دعوتها كثيراً وشرحت لها كل شيء عن الإسلام والتوحيد لله عز وجل . وسؤالي الآن : هل علي من ذنب تجاهها؟ ، وما مصيرها الآن يا شيخنا؟ صبرني زوجي وقال : احتمال يكون قلبها اتجه للإسلام قبل الوفاة ، فهل هذا صحيح ؟ ، وما حكم حضوري جنازتها؟ مع العلم أن فيها من الطقوس البوذية الكافرة؟ ،وما حكم دعوتي لها بالمغفرة والرحمة من الله حيث أنها نفس خلقها الله عز وجل؟ ، وآخر سؤال لي : ما حكم كشف وجهي في بيتي أمام اليابانيات الكافرات؟ مع العلم أنني منتقبة أو كشف شعري أو أي لبس مزين؟ وجزاكم الله خيراً .

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

أولاً :

هذه المرأة إذا لم تتلفظ بالشهادتين ، ولم تدخل في الإسلام ، فإنها باقية على دينها ، ولا ينفعها أن يكون قلبها اتجه إلى الإسلام ، فكم من كافر يعرف صحة دين الإسلام ، ويحبه ويرغب في الدخول فيه ، لكن يمنعه من ذلك خوف على مكانته أو منصبه أو فقدان عشيرته ، وهذا إن مات مات كافراً مخلداً في النار ، كحال أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان موقناً بالإسلام ، ولم يمنعه من الدخول فيه عند الموت إلا خوف أن يعيّر بأنه رغب عن ملة عبد المطلب جزعاً من الموت ، وقد نهى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستغفر له ؛ لأنه مات كافراً .

قال تعالى  : ( ما كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) التوبة/113 .

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره (8/173) : " هذه الآية تضمنت قطع موالاة الكفار ، حيهم وميتهم ، فإن الله لم يجعل للمؤمنين أن يستغفروا للمشركين ، فطلب الغفران للمشرك مما لا يجوز ".

وقال الشوكاني رحمه الله في "فتح القدير" (2/410) : " وهذه الآية متضمنة لقطع الموالاة للكفار ، وتحريم الاستغفار لهم".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فأما الشهادتان إذا لم يتكلم بهما مع القدرة فهو كافر باتفاق المسلمين ، وهو كافر ظاهراً وباطناً عند سلف الأمة وأئمتها وجماهير علمائها " انتهى من "مجموع الفتاوى" (7/609).

وقد روى مسلم في صحيحه (976) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي ).

وذلك لأن أم النبي صلى الله عليه وسلم ماتت كافرة ، فلم يأذن الله له أن يستغفر لها .

وبهذا تعلمين أن الدعاء لهذه المرأة بالمغفرة والرحمة لا يجوز .

وما ذكرت من دعوتك لها للإسلام ، وترغيبها في الإيمان ، يرفع عنك إثم التقصير والحمد لله ، بل يرجى لك بذلك الأجر والثواب من الله تعالى .

ثانياً :

لا يجوز حضور جنازة الكافر مع وجود الطقوس الكفرية ، لما في ذلك من حضور المنكر والسكوت عليه .

ثالثاً :

يجوز للمسلمة أن تكشف عن وجهها وشعرها وما يظهر غالبا ، أمام المرأة الكافرة ، على الراجح ، إلا إن خشيت أن تصفها للرجال ، وينظر جواب السؤال رقم (6596) .

والله أعلم .