عنوان الفتوى : موعد ظهور أمارات الساعة لا يعلمه إلا الله
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم يبق بعدي من النبوة إلا المبشرات. قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة. رواه البخاري. وهذه الرؤيا ـ يا عباد الله ـ هي التي قال عنها الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه: إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة. رواه البخاري ومسلم. لقد سمعت في بلد مهبط الوحي أن بنت مكة قد رأت رؤيا حق وهذه الرؤية تتعلق برفع القرآن الكريم بأمر من الله عز وجل وفي وقت قريب، وقد علمت من أهل مكة أن بنت مكة سترسل رسائل عدة للإعلام وللأزهر الشريف تاج الشرف لتخبرهم بهذا الأمر في القريب العاجل، وتقول لهم أن الأعمال قد كتبت. والدليل على ذلك سيظهر كوكب نيبرو في سنة 2011 ونظرا لقوة جذبه المغناطيسي سيعمل على عكس دورة الأرض حول محورها، وستشرق الشمس من المغرب، وهذه أول علامات الساعة الكبرى، تأكدوا أن هذه المعلومة التي أعلنتها وكالة ناسا للفضاء. أحببت أن أشارككم هذا الأمر لأنه يخص كل أمة محمد بلا استثناء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبداية لا بد من التنبه إلى أن الرؤيا وإن صدق صاحبها لا تنبني عليها الأحكام، وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 11052، 34573، 67482.
وننصح السائل الكريم بمراجعة الكتاب القيم للدكتور محمد إسماعيل المقدم: المهدي وفقه أشراط الساعة. وخاصة الفصل الأول من الباب الثالث من ص 193 إلى ص 232. وهو بعنوان: سلطان المنامات. فتجد فيه ضوابط التعامل مع الرؤى، ونماذج من الانحرافات في التعامل مع المنامات وما ترتب عليها من فتن وبدع، مع نقل كلام أهل العلم قديما وحديثا في ذلك.
ثم ننبه السائل أيضا على أن علامات الساعة الصغرى منها ما لم يقع بعد، كعودة جزيرة العرب جنات وأنهارا، وانتفاخ الأهلة، وتكليم السباع والجماد الإنس، وانحسار الفرات عن جبل من ذهب، وإخراج الأرض كنوزها المخبوءة. فكيف بالعلامات الكبرى، وأغلب الظن أن الأيام الأخيرة من عمر الدنيا لا زالت بعيدة لأن هناك فتنا لم نصل إليها بعد فلا زال في الدنيا خير.
أما تحديد موعد للعلامات الكبرى ـ كما في السؤال ـ فنوع من رجم الغيب لا يجوز، فقد قال الله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ. {الأنعام: 59}. وقال سبحانه: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ. {النمل:65}.
وإذا كان قيام الساعة لا يعلمه إلا الله، فكذلك الحال في موعد ظهور أماراتها لا يعلمه إلا الله، قال تعالى: يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ. {لأعراف:187}. وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل عليه السلام: متى الساعة ؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل. متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله: لا يعلم ما في غد إلا الله، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله، ولا تدري نفس بأي أرض تموت، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله. رواه البخاري.
وأما مسألة رفع القرآن في آخر الزمان فلا يقع إلا حين لا يبقى على الأرض خير، ويبقى شرار الناس وعليهم تقوم الساعة، كما سبقت الإشارة إليه في الفتويين: 63778، 58934.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: لا إله إلا الله، فنحن نقولها. رواه ابن ماجه وصححه البوصيري والحاكم ووافقه الذهبي، وصححه الألباني.
والله أعلم.