عنوان الفتوى : حكم اشتراط ضمان رأس المال في المضاربة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما حكم تثبيت رأس المال في التجارة بحيث يكون الأرباح غير ثابتة؟ مثال على ذلك : أن يقول شخص : أعطني مائة ألف أشغلها لك وتأخذ أرباحها كل شهر - غير ثابت - ، بس عندما تحتاج فلوسك تأخذها مائة ألف كاملة دون زيادة أو نقصان . فما الحكم؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

هذا العقد يسمى "عقد المضاربة" وهو نوع من أنواع الشركات ، والواجب في هذا العقد أن يكون لكل شريك نسبة من الأرباح حسب ما ينفقه الشركاء عليها ، وأما الخسائر فالواجب أن تكون على رأس المال ، ولا يجوز أن يتحمل منها العامل شيئاً ، ولا يجوز أن يشترط في العقد خلاف هذا ، بأن يشترط أن صاحب المال متى طلب ماله أخذه كاملاً بدون نقص أو زيادة ، بل الواجب في حالة طلبه رأس ماله أن تصفى الشركة ، فإن كان هناك ربح أخذ نسبته منه ، وإن كان هناك خسارة ، كانت على رأس المال .

قال ابن قدامة في "المغني" (5/22) :

"وَالْوَضِيعَةَ (الخسارة) فِي الْمُضَارَبَةِ عَلَى الْمَالِ خَاصَّةً , لَيْسَ عَلَى الْعَامِلِ مِنْهَا شَيْءٌ ; لِأَنَّ الْوَضِيعَةَ عِبَارَةٌ عَنْ نُقْصَانِ رَأْسِ الْمَالِ , وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِمِلْكِ رَبِّهِ , لَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِيهِ , فَيَكُونُ نَقْصِهِ مِنْ مَالِهِ دُونَ غَيْرِهِ ; وَإِنَّمَا يَشْتَرِكَانِ فِيمَا يَحْصُلُ مِنْ النَّمَاءِ" انتهى .

وقد نصَّ العلماء رحمهم الله على أنه لو اشترط على العامل ضمان رأس المال ـ كما في السؤال ـ أن هذا الشرط فاسد لا يجوز العمل به .

فقد جاء في "الموسوعة الفقهية" (38/63-64) :

"وقد نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ رَبُّ الْمَال عَلَى الْعَامِل ضَمَانَ رَأْسِ الْمَال إِِذَا تَلِفَ أَوْ ضَاعَ بِلاَ تَفْرِيطٍ مِنْهُ كَانَ الْعَقْدُ فَاسِدًا .

وَهَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ ، لأَِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْعَامِل أَمِينٌ فِيمَا فِي يَدِهِ ، فَإِِِنْ تَلِفَ الْمَال فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ لَمْ يَضْمَنْ ، فَاشْتِرَاطُ ضَمَانِ الْمُضَارِبِ يَتَنَافَى مَعَ مُقْتَضَى الْعَقْدِ" انتهى .

وقال ابن قدامة :

"متى شرط على المضارب (وهو العامل) ضمان المال , أو سهماً من الوضيعة , فالشرط باطل . لا نعلم فيه خلافاً ، والعقد صحيح . نص عليه أحمد . وهو قول أبي حنيفة , ومالك .

وروي عن أحمد أن العقد يفسد به . وحكي ذلك عن الشافعي ; لأنه شرط فاسد , فأفسد المضاربة , والمذهب : الأول [يعني : أن العقد صحيح ، والشرط فاسد]" انتهى . "المغني" (5/40) .

وعلى هذا : فالشرط الوارد في السؤال ، وهو أن رب المال متى احتاج ماله أخذه كاملا بلا زيادة ولا نقصان شرط باطل ، لا يجوز اشتراطه ، ولا العمل به .

وانظر جواب السؤال (100103).

والله أعلم