عنوان الفتوى : لا تنافي بين عدم قبول عبادة شارب الخمر وبين مغفرة الذنوب
سألني أحد طلابي هذا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن نفي قبول العبادة في نصوص الشارع قد يراد به فسادها، وعدم إجزائها، وقد يراد به عدم ترتب الثواب والدرجات عليها مع صحتها وبراءة الذمة منها، فمن الأول قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تقبل صلاة بغير طهور". وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ" متفق عليهما.
ومن الثاني قوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافاً لم تقبل له صلاة" وما ورد في شارب الخمر، والعبد الآبق من أن صلاتهما لا تقبل. وعلى كل حال فهذا الاستشكال غير وارد، وذلك لأن نفي العبادة إذا كان بالمعنى الأول الذي هو الفساد وعدم الإجزاء، فإنه يستلزم إعادتها مرة أخرى، لأن وقوعها فاسدة كلا شيء.
أما إذا كانت نفي القبول بالمعنى الثاني - وهذا هو مراد السائل على ما نعتقد - فإن القيام بها في هذه الحالة يأتي امتثالاً لأمر الله تعالى، وإبراء للذمة منها، فكون الإنسان شارب خمر مثلاً أو نحو ذلك لا يسقط عنه وجوب أداء الصلاة التي أمر الله تعالى بها كل مكلف كما لا يبرر تركه لها كونها غير مقبولة بمعنى أن لا ثواب فيها، أو أن ثوابها ناقص، وإنما يجب عليه هو أن يتقي الله تعالى ويطهر نفسه حتى تكون عبادته وطاعته مثمرة متقبلة عند الله تعالى، فالله عز وجل يقول: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة:27].
ثم إن عدم قبول طاعة شارب الخمر ونحوه، وحرمانه من الأجر الكثير مقيد بما إذا لم يتب إلى الله تعالى. أما إذا تاب وصار من المتقين، فإن الله تعالى يقبل توبته ويغفر ذنبه ويتقبل طاعته، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" رواه ابن ماجه وغيره.
وبهذا يعلم أن لا تنافي بين عدم قبول عبادة شارب الخمر وبين مغفرة الذنوب جميعاً الذي تضمنته الآية الكريمة.
والله أعلم.