عنوان الفتوى : كيف تستقيم أحوال العبد في معاشه ومعاده
أريد من سيادتكم الأدعية الصحيحة التي تفرج الكرب وتخفف حدة القدر، وما هي الأعمال التي يجب اتباعها في اليوم والليلة لتحقيق ذلك بإذن الله تعالى؟ حيث إنني كثيرا ما أتعرض لذلك، وهل القدر واقع لا مفر منه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقدر الله تعالى نافذ لا محالة، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، والإيمان بهذا هو الإيمان بالقضاء والقدر، وهو ركن من أركان الإيمان الستة، وهو التصديق الجازم بأن كل ما يقع في هذا الوجود يجري وفق علم الله وتقديره في الأزل، كما قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه لابنه: يا بني ! إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب. قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة. يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مات على غير هذا فليس مني. رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني.
وقد سبق بيان مفهوم القضاء والقدر ومراتبه وثمراته في الفتوى رقم: 67357. وكذلك سبق بيان حكم التسخط على قضاء الله في الفتوى رقم: 23586.
وأما أدعية تنفيس الكروب وتفريج الهموم فقد سبق بيانها في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 26503، 101542، 103409.
ثم اعلم أخي الكريم أن بداية الطريق يكون بإصلاح حالك مع الله والإقبال عليه بالاستغفار والتوبة من جميع الذنوب، فإن ذلك من أعظم أسباب رفع البلاء، فما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة، كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى: 30} وقال سبحانه: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ {هود: 3} وقال: لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ {النمل: 46} ثم بعد ذلك بدل السيئ بالحسن، وأتبع السيئات بالحسنات حتى تمحوها، والزم تقوى الله تعالى في السر والعلن بمراقبته وحفظ أمره ونهيه، فمن اتقى الله وقاه وتولاه، ولم يكله إلى غيره ونصره على عدوه، قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا. ...... وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا {الطلاق:3-4}.
وخلاصة القول أن الاستقامة على أمر الله هي التي تستقيم بها أحوال العبد في معاشه ومعاده، كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ {الأحقاف:13} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا واعتمروا واستقيموا يستقم بكم. رواه الطبراني، وجوده المنذري، وحسنه الألباني.
وأما أعمال اليوم والليلة فرضا ونفلا فكثيرة، فينبغي أن يحافظ العبد على ما يستطيع منها، فخير الأعمال أدومها وإن قل. ويمكنك الاستعانة بكتاب (الترغيب والترهيب) لمعرفة ذلك. وكذلك يمكنك مراجعة الفتوى رقم: 52800 والكتب التي أحلنا عليها فيها.
والله أعلم.