عنوان الفتوى : الرسوب في الاختبارات من قدر الله تعالى
أعاني هذه الأيام من تناقض في أفكاري و أريد منكم أن تدلوني علي الرأي الصحيح. فأنا في الأيام الماضية كانت لدي امتحانات في دراستي الخاصة بعلوم القرآن و لكن عندما ذهبت لرؤية النتيجة وجدت نفسي نازلة في مادتين ولكني كنت مجيبة بشكل جيد فيهما، ولا أعرف كيف هذا حصل، المهم أنا قلت الحمد لله على كل حال وهذا نصيبي وهذا قدر ربنا ... ثم أرجع و أقول لكن ربي لا يكتب لي أن أرسب، هذا ليس من عند الله و لكنه تقصير مني، وهكذا فما هو الرأي الصحيح لأنني تعبت من التفكير أنا علي يقين أن كل شيء من عند الله و لكن لا أحب أن أشير بهذا الأمر لربي .... أرجو منكم الرأي الصحيح؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا بد من اليقين بأن الأمور كلها بيد الله، فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، ولا رادَّ لما قضى، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فكل شيء بقدر وحكمة يدبرها الله سبحانه وتعالى، وقد كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، فنحن نسلم بأقدار الله تعالى ونؤمن بها، خيرها وشرها حلوها ومرها، وهذا أصل عظيم من أصول أهل السنة والجماعة وركن من أركان الإيمان، ألا وهو الإيمان بالقدر.
ومن جملة ذلك الرسوب في الاختبارات، فهو من قدر الله بلا شك، كما قال تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً {الأنبياء: 35}.
وقال سبحانه: وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً {النساء: 78}.
والرسوب وأمثاله من البلايا إنما يصح تسميته شرا باعتبار نسبته للإنسان؛ لأن ذلك لا يلائمه، لكن باعتبار نسبتها إلى الله هي خير؛ لأن الله لم يقدرها إلا لحكمة عرفها من عرفها وجهلها من جهلها.
وليس من الأدب أن يوصف الله بأنه أراد الشر بعباده، وإن كان سبحانه هو خالقه وموجده. كما قالت الجن: وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً {الجـن:10}.
وثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مما يثني به على ربه تبارك وتعالى: الخير كله بيدك والشر ليس إليك.
وقال تعالى: مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ {النساء: 79} قال السعدي: { مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ } أي: في الدين والدنيا { فَمِنَ اللَّهِ } هو الذي مَنَّ بها ويسرها بتيسير أسبابها { وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ } في الدين والدنيا { فَمِنْ نَفْسِكَ } أي: بذنوبك وكسبك، وما يعفو الله عنه أكثر اهـ.
وقد سبق بيان الحكمة من خلق الخير والشر في الفتوى رقم: 2855. وراجعي لمزيد الفائدة الفتويين: 11735، 75054.
والله أعلم.