عنوان الفتوى : أيها أفضل الاشتغال بالنوافل أم الذكر أم التلاوة
ما هو أكثر أجرا وثوابا كثرة النوافل، أم كثرة قراءة القرآن الكريم ،أو كثرة الأذكار؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
جواب هذه المسألة ونحوها مبنى على أصلين:
الأصل الأول: أن جنس الصلاة أفضل من جنس تلاوة القرآن في غير الصلاة، وأن جنس تلاوة القرآن أفضل من جنس الأذكار.
قال النبي عليه الصلاة والسلام: استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن. رواه ابن ماجه وصححه الألباني. ولهذا نص العلماء على أن افضل تطوع البدن الصلاة.
وقال عليه الصلاة والسلام: أفضل الكلام بعد القرآن أربع وهي من القرآن لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. رواه أحمد.
الأصل الثاني: أن العمل المفضول قد يقترن به ما يصيره فاضلا وهو نوعان:
أحدهما: ما هو مشروع لجميع الناس
والثاني: ما يختلف باختلاف أحوال الناس
أما الأول فمثل أن يقترن بزمان أو بمكان أو عمل يكون أفضل، مثل ما بعد الفجر والعصر ونحوهما من أوقات النهى عن الصلاة؛ فان القراءة والذكر والدعاء أفضل في هذا الزمان، وكذلك الجنب الذكر في حقه أفضل، والمحدث القراءة والذكر في حقه أفضل، فإذا كره الأفضل في حال حصول مفسدة كان المفضول هناك أفضل بل هو المشروع.
والنوع الثاني: أن يكون العبد عاجزا عن العمل الأفضل إما عاجزا عن أصله، كمن لا يحفظ القرآن ولا يستطيع حفظه، أو عاجزا عن فعله على وجه الكمال مع قدرته على فعل المفضول على وجه الكمال، فمن الناس من يجد في الذكر من اجتماع قلبه وقوة إيمانه واندفاع الوسواس عنه ومزيد السكينة والنور والهدى ما لا يجده في قراءة القرآن، بل إذا قرأ القرآن لا يفهمه أو لا يحضر قلبه فهمه ويلعب عليه الوسواس والفكر، كما أن من الناس من يجتمع قلبه في قراءة القرآن وفهمه وتدبره ما لا يجتمع في الصلاة بل يكون في الصلاة بخلاف ذلك وليس كل ما كان أفضل يشرع لكل أحد، بل كل واحد يشرع له أن يفعل ما هو افضل له.
إذا عرف هذان الأصلان فيقال: الأذكار المشروعة في أوقات معينة: مثل ما يقال عند جواب المؤذن أفضل من القراءة في تلك الحال، وكذلك ما سنه النبي صلى الله عليه وسلم فيما يقال عند الصباح والمساء وإتيان المضجع مقدم على غيره. وأما إذا قام من الليل فالقراءة له أفضل إن أطاقها وإلا فليعمل ما يطيق والصلاة أفضل منهما. وراجع للفائدة مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ففيه كلام نفيس. وراجع للفائدة أيضا الفتوى رقم:113720، والفتوى رقم: 12178، والفتوى رقم: 31383.
والله أعلم.