عنوان الفتوى : امتناع الزوجة عن الفراش بحجة الخوف من الحمل
أنا رجل متزوج منذ ثماني سنوات ولي طفلتان، زوجتي منذ إنجاب البنت الثانية أي منذ أربع سنوات ترفض معاشرتي بحجة الخوف من الحمل، ورغم اقتراحي عليها استعمال موانع الحمل غير أنها رفضت بدعوى أنها مضرة بالصحة، وتريدني أن أستعمل طريقة الاستمناء الخارجي، والتقليل من عدد مرات المعاشرة، فلم تعد ترق لي تلك العملية، بل صرت أكرهها، وأنا أشاهد كل يوم زوجتي أمامي في ملابس شفافة أوداخلية فأشتهيها ولكني لا أستطيع فعل شيء، ويدوم ذلك الحال عدة أشهر حتى أني أصبحت متوتر الأعصاب، فقصدت طبيبا مختصا فأعطاني حبوبا مهدئة، ومنذ ذلك الوقت أصبحت مدمنا للحبوب المهدئة، ولكني بالرغم من ذلك لست مرتاحا نفسانيا، فزوجتي رغم طرح الموضوع عدة مرات للمناقشة وما تراني فيه من تعب نفسي لا تبالي وهمها الوحيد هو العمل، والأولاد، أما أنا فآخر شيء تفكر فيه. لقد ضقت ذرعا، مللت الحبوب المهدئة، وفكرت في الطلاق العديد من المرات. فما حكم زوجتي فيما تفعل، وهل الحل هو الطلاق، فبناتي هن سبب تأخري في أخذ هذا القرار؟ وشكراً لكم، وجزاكم الله عنا كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكرنا في كثير من الفتاوى السابقة أن امتناع المرأة عن فراش زوجها دون عذر واضح هو صريح النشوز، وأنه من الكبائر التي توجب لها اللعن وتسقط حقوقها في النفقة وغيرها، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح.
وما تذكره من خوفها من الحمل ليس عذراً في امتناعها من الفراش، حتى ولو تحققت من أن الحمل سيصيبها بأذى بالغ، إذ يمكنها حينئذ أن تتحرز منه بالوسائل المباحة لمنعه وتأخيره إلى حين، وليس لها أن تجبرك على العزل أو جماعها فيما دون الفرج، لأن الرجل له حق في الأستمتاع الكامل بزوجته.
وقد سبق لنا في الفتوى رقم: 26794 طرق علاج النشوز فإن استوفيت هذه الطرق على الترتيب، ولم ترجع زوجتك عن نشوزها فلا حرج عليك في طلاقها، بل يستحب طلاقها حينئذ إذ لا خير في إمساك امرأة لا تعرف لزوجها حقه، وتمنعه شيئاً من أوجب واجباته عليها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الحاكم في مستدركه وصححه، وصححه الألباني: ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: رجل كانت له امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه، ورجل أعطى سفيهاً ماله، وقد قال عز وجل: وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ.
قال العلامة المناوي في فيض القدير: ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق-بالضم- فلم يطلقها، فإذا دعا عليها لا يستجيب له، لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها، وهو في سعة من فراقها. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وربما فسدت الحال بين الزوجين فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة وضرراً مجرداً بإلزام الزوج النفقة والسكن، وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه. انتهى.
على أننا ننصحك بالتريث في اتجاه القرار، والموازنة بين المصلحة التي ترجوها من الطلاق وبين المفسدة المترتبة عليه في شأن البنات.
والله أعلم.