عنوان الفتوى : هل يستحسن تكرار النصيحة
إذا نصحت أحدا بنصيحة و لم يأبه لي، فهل أبقى ملحة عليه أم أتركه، وبذلك أكون قد قمت بواجبي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالنصيحة واجبة على المسلم لأخيه المسلم، لا يجوز له أن يقصر فيها ولا أن يضيعها, فعن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة. قلنا: لمن؟ قال: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. رواه مسلم.
ولكن يراعى في النصيحة أن تكون بأسلوب لطيف رقيق، وألا تكون على الملأ، لأن ذلك أدعى لقبولها والانتفاع بها.
أما بخصوص تكرارها والإلحاح فيها فهذا يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، فرب شخص ينتفع بهذا ولا يضيق به فالأفضل حينئذ تذكيره دائما, ورب شخص يغلب عليه الضجر وضيق الصدر، وربما أدى تكرار النصيحة له إلى زيادة تمرده وطغيانه، بل وإلى رد الحق والنفور منه ومن أصحابه, فهذا ينبغي تجنب الإلحاح عليه في النصح درءا للمفسدة, فإن من أهم مقاصد التذكير نفع الغافل وإفادته، فإذا آل الأمر إلى عكس هذا المقصود فينبغي تركه, وقد قال الله تعالى: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى {الأعلى: 9} جاء في تفسير السعدي: فَذَكِّرْ بشرع الله وآياته إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى، أي: ما دامت الذكرى مقبولة، والموعظة مسموعة، سواء حصل من الذكرى جميع المقصود أو بعضه, ومفهوم الآية أنه إن لم تنفع الذكرى، بأن كان التذكير يزيد في الشر، أو ينقص من الخير، لم تكن الذكرى مأمورًا بها، بل منهيًا عنها. انتهى.
والله أعلم.