عنوان الفتوى : فعلت من الذنوب ماهو كفر ودون ذلك فهل لها من توبة
فعلت الكثير من المحرمات من الكذب إلى السرقة إلى فقدان الشرف والزنا وحلفت على كتاب الله أكثر من25مرة كذبا وقلت يا رب أتحداك وكنت في منتهى العصيان ودعوت على أهلي وشرف أهلي وصحتهم إذا كذبت مرة أخرى ولكني كذبت وأيضا شهادة الزور فعلتها وحلفت كثيرا وتكلمت على شرف البنات بالباطل وفعلت النميمة والغيبة، والآن أنا نادمة كثيرا وأريد التوبة وأجهل الطريق والكفارة أفيدوني بالعاجل؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله تعالى أن يتم عليك نعمه ويشرح صدرك لتوبة نصوح تجب ما قبلها.
ونبشرك برحمة الله الواسعة ومغفرته السابقة لمن أقبل عليه تائبا، هذا مع التنبيه إلى أنك عفا الله عنك قد جمعت أيتها الأخت في معاصيك أنواع الموبقات فمنها ما هو كفر وردة، كقولك لله تعالى أتحداك، ومنها ما هو كبائر كالزنا، ومنها ما فيه حق للعباد كالغيبة والقذف.
وعلى أية حال فالله تعالى يقبل توبة العبد مهما عظم ذنبه وجرمه ما لم يغرغر أو تطلع الشمس من مغربها، وقد وعد سبحانه وتعالى التائبين بالمغفرة والرحمة، فقال تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {الأنعام:54}.
وقال تعالى: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا {النساء:110}.
ولو أسرف الإنسان على نفسه بالذنوب فإن الله يغفرها له بالتوبة، كما قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر: 53}.
وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا. رواه مسلم.
أما التوبة من الكفر فقال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: الاستهزاء بدين الله أو سب دين الله أو سب الله ورسوله أو الاستهزاء بهما كفر مخرج عن الملة، ومع ذلك فإن هناك مجالاً للتوبة منه؛ لقول الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
فإذا تاب الإنسان من أي ردة توبة نصوحاً استوفت شروط التوبة فإن الله تعالى يقبل توبته. اهـ.
وكذلك الحلف بالمصحف كاذبا كفارته التوبة النصوح، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 29633.
والذنوب التي تتعلق بحقوق الآدميين تحتاج في التوبة منها إلى التحلل من حق الآدمي، مع الإقلاع والندم والعزم على عدم العود، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. رواه البخاري.
وقال الغزالي: وأما العرض فإن اغتبته أو شتمته أو بهته فحقك أن تكذب نفسك بين يدي من فعلت ذلك عنده وأن تستحل من صاحبك إذا أمكنك إذا لم تخش زيادة غيظ وتهييج فتنة في إظهار ذلك وتجديده، فإن خشيت ذلك فالرجوع إلى الله سبحانه وتعالى ليرضيه عنك. اهـ.
وينبغي أيضا أن تذكري من اغتبته أو قذفته بما فيه من خير لا سيما في الموضع الذي سبق أن اغتبته أو قذفته فيه، مع الدعاء والاستغفار له بظهر الغيب. وقد سبق بيان ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 111563، 71974، 66209.
ومن لوازم التوبة من السرقة رد المسروقات إلى أصحابها، على تفصيل سبق بيانه في الفتوى رقم: 3051.
وكذلك التوبة من شهادة الزور فلا تتم إلا بالتخلص من آثارها ورد الحقوق التي ضاعت على أهلها بسببها، كما سبق بيانه في الفتويين: 72854، 21337.
وأما دعاؤك على أهلك فعليك أن تطلبي مسامحتهم وأن تكثري الدعاء لهم بضد ما دعوت عليهم به، وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأراقم التالية: 20051، 69968، 70611، 70831.
وراجعي لمزيد الفائدة عن التوبة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 22378، 17308، 22378، 28748.
والله أعلم.