عنوان الفتوى : توضيح حول قول الأعرابي(هلكت الأموال..) بعد استسقاء الرسول
أولا أنا أؤمن يا سيدي إيمانا جازما أنه محال أن يترتب ضرر على دعاء يدعوه النبي صلى الله عليه وسلم ولكن أشكل علي الأمر لقصور في فهمي لماذا استجاب الله لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم بنزول المطر بأن أنزل من السماء ماء تهدم به البناء وغرق به المال كما ورد في صحيح البخاري حتى رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال اللهم حوالينا ولا علينا، وهل يجوز لي أن أسأل مثل هذا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما بعث رحمة للعالمين نطقت بذلك نصوص الوحي من القرآن والسنة وكانت حياته كلها تجسيدا لهذا المعنى ومظهرا من مظاهر رحمة الله تعالى بعباده كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ {الأنبياء:107}
والحديث المشار إليه إنما هو جزء بسيط من أدلة رحمته صلى الله عليه وسلم بالناس؛ فقد استجاب لطلبهم بالدعاء عند الحاجة للمطر واستجاب لهم بالدعاء برفعه عند ما طلبوا منه ذلك فقال: اللهم حوالينا ولا علينا.. الحديث.
قال ابن عبد البر في التمهيد: وفيه ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخلق العظيم في إجابة كل من دعاه إلى ما أراد ما لم يكن إثما.
وأما قول الأعرابي: يا رسول الله هلكت الأموال تهدم البناء وانقطعت السبل.. فادع الله يمسكها فلعله من المبالغة في كثرة المطر.. وأسلوب المبالغة معروف في اللغة أو من المقاربة وتوقع هذه الأضرار إذا استمر المطر على ما هو عليه كما قال قائل قريش للنبي صلى الله عليه وسلم استسق الله لمضر فإنها قد هلكت، ومضر لم تهلك ولكنه يتوقع منها ذلك إذا استمر بهم الأمر على ما هم عليه.
وعلى كل حال فإذا كان وقع شيء من ذلك على الحقيقة فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصده بدعائه قطعا.
وأما قول السائل الكريم: لماذا استجاب الله تعالى دعاء النبي بنزول المطر.. فغير وارد؛ لأن الله تعالى فعال لما يريد لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ولأنه صلى الله عليه وسلم مجاب الدعوة ولما في الحديث من حاجة الناس إلى المطر وسؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء.
وأما هذا النوع من الأسئلة فلا حرج فيه إذا كان للتعلم والتثبت أو إزالة شبهة طرأت على القلب بسبب الجهل، ولكن لا يجوز أن يكون للاعتراض والتعنت...
والله أعلم.