عنوان الفتوى : علاج الفتور في طلب العلم

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

لقد كنت طالب علم ولازلت أحاول أن أكون، ولكن لقد انتكست انتكاسة شديدة. فأرجو إفادتي رحمكم الله.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم توضح لنا أيها السائل ما هو نوع الانتكاسة التي أصبت بها – عفا الله عنا وعنك – هل هي إيمانية أم في طلب العلم، نعني ما قد يعتري طلاب العلم من فتور في الهمة وضعف في العزيمة وانصراف عن الطلب، فإن كانت الأولى فإنا نحيلك على الفتويين رقم: 10800، 17666، ففيهما أسباب ظاهرة ضعف الإيمان وكيفية النهوض منها والعلاج.

أما إن كنت تقصد أن ما أصابك هو نوع من الفتور عن طلب العلم، فإنا حينئذ نوصيك بمطالعة فضل العلم والعلماء، وما أروع ما كتبه ابن القيم رحمه الله في كتابه "مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة" لعل هذا أن يكون محفزا لك على مواصلة الطلب والصبر على مشقاته.

وننبه على أنه يجب على المسلم عموما سواء كان من طلاب العلم أو غيرهم أن يستقيم على أمر الله، وأن يداوم على ذلك مدة حياته حتى يوافيه أجله وهو قائم بأمر ربه، وأعظم الأسباب التي تعين على الثبات على الهدى والحق القيام بأوامر الله سبحانه وأوامر رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم قال سبحانه: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ {إبراهيم: 27}، قال السعدي رحمه الله: يخبر تعالى أنه يثبت عباده المؤمنين، أي: الذين قاموا بما عليهم من إيمان القلب التام، الذي يستلزم أعمال الجوارح ويثمرها، فيثبتهم الله في الحياة الدنيا عند ورود الشبهات بالهداية إلى اليقين، وعند عروض الشهوات بالإرادة الجازمة على تقديم ما يحبه الله على هوى النفس ومراداتها، وفي الآخرة عند الموت بالثبات على الدين الإسلامي والخاتمة الحسنة، وفي القبر عند سؤال الملكين، للجواب الصحيح. انتهى.

وقال سبحانه: وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا {النساء: 66 – 68}

يقول السعدي رحمه الله: فإن الله يثبت الذين آمنوا بسبب ما قاموا به من الإيمان، الذي هو القيام بما وعظوا به، فيثبتهم في الحياة الدنيا عند ورود الفتن في الأوامر والنواهي والمصائب، فيحصل لهم ثبات يوفقون لفعل الأوامر وترك الزواجر التي تقتضي النفس فعلها، وعند حلول المصائب التي يكرهها العبد. فيوفق للتثبيت بالتوفيق للصبر أو للرضا أو للشكر. فينزل عليه معونة من الله للقيام بذلك، ويحصل له الثبات على الدين، عند الموت وفي القبر، وأيضا فإن العبد القائم بما أمر به، لا يزال يتمرن على الأوامر الشرعية حتى يألفها ويشتاق إليها وإلى أمثالها، فيكون ذلك معونة له على الثبات على الطاعات. انتهى.

وننصحك في النهاية بالصحبة الصالحة التي تعينك على طاعة الله ومرضاته، فقد قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ {التوبة: 119}

والله أعلم.