عنوان الفتوى : ترك أبوهم منزلا فأعاد بناءه بعضهم فهل للباقين حق فيه
سؤالي عن الإرث... نحن اثنا عشر إخوة 6 بنات و 6 أولاد توفي والدنا وترك لنا منزلا فقام ثلاثة من الإخوة بهدمه وبناء مكانه ثلاثة طوابق وخصص السطح للوالدة التي بنوا لها بيتا ومطبخا، فهل لنا نصيب في المنزل مع العلم بأنه باسم والدنا المتوفى وذلك لنتمكن من شراء منزل لأمنا يناسب وضعها لأنها كبيرة في السن؟ جزاكم الله كل الخير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان الإخوة المشار إليهم قد هدموا المنزل برضا الورثة جميعاً وصرح الورثة لهم بتمليك الأرض فالبيت الجديد لمن بناه وليس لبقية الورثة شيء، وإن لم يصرحوا لهم بالتمليك فهذه عارية ويجوز للورثة استرداد تلك الأرض متى شاءوا، ويلزمهم أن يدفعوا لمن بناه قيمة البناء قائماً لا منقوضاً، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، وانظر التفصيل في الفتوى رقم: 65439.
وأما إذا هدموا المنزل بغير إذن الورثة فهم معتدون في ذلك ويلزمهم ضمان قيمة البيت الذي هدموه للورثة، وأما البناء الجديد فحكمهم فيه حكم الشريك إذا بنى في الأرض بغير إذن شريكه، وللعلماء في ذلك قولان:
الأول: أن يطالب الباني بهدم البناء، وهذا قول الشافعية والحنابلة، وزاد الحنابلة أنه إذا أراد الشريك الانتفاع بما بناه شريكه ويأخذه بقيمته لم يلزم الباني على القبول بل له هدمه.
جاء في تحفة المحتاج من كتب الشافعية: فلو خالف وفعل هدم مجاناً وإن كان ما بنى عليه مشتركاً لتعديه... انتهى.
ومثله في حاشية الجمل -من كتب الشافعية-: لو كانت الأرض مشتركة بين شخص وآخر فغرس فيها أو بنى بغير إذن شريكه فإنه يكلف القلع لتعديه بفعله لأن كل جزء مشترك بينهما فكان كالغاصب لا يقال فيه تكليفه قلع ملكه من ملكه لأنا نقول ليس القصد بذلك وإنما القصد الخروج من حق الغير وهو لا يحصل إلا بقلع الجميع... انتهى.
وقال النووي في روضة الطالبين: ولو بنى أو غرس بغير إذن شريكه قلعه مجاناً.. انتهى.
وعند الحنابلة أيضاً كما في منار السبيل: وإن غرس أو بنى في الأرض ألزم بقلع غرسه وبنائه لقوله صلى الله عليه وسلم: ليس لعرق ظالم حق. حسنه الترمذي، حتى ولو كان الغاصب أحد الشريكين في الأرض. وفعله له بغير إذن شريكه للتعدي. انتهى.
وفي مطالب أولي النهى: (ولا يملك) رب الأرض (أخذه)- أي: البناء أو الغراس- من الغاصب مجاناً ولا (بقيمته) لأنه عين مال الغاصب فلم يملك رب الأرض أخذه..
الثاني: قول المالكية والحنفية وهو أن من بنى أو غرس في أرض بينه وبين شريكه بغير إذنه أو كان غائباً فإنهما يقتسمان الأرض فإن صار للباني ما بناه في حصته من الأرض كان له بنيانه وإن صار البنيان أو الغرس في نصيب شريكه خير بين أن يعطي له قيمة بنيانه منقوضاً أو قيمة غرسه مقلوعاً وبين أن يسلم إليه نقضه بنقله، وزاد المالكية ويكون له من الكراء على الباني بقدر ما انتفع به من حصة شريكه.
جاء في رد المحتار من كتب الحنفية: (بنى أحدهما) أي أحد الشريكين (بغير إذن الآخر) في عقار مشترك بينهما (فطلب شريكه رفع بنائه قسم) العقار (فإن وقع) البناء (في نصيب الباني فبها) ونعمت (وإلا هدم) البناء، وحكم الغرس... انتهى.
وجاء في الكافي من كتب المالكية: ومن بنى أو غرس في أرض بينه وبين شريكه بغير إذنه أو كان غائباً فإنهما يقتسمان الأرض فإن صار للباني ما بناه في حصته من الأرض كان له بنيانه وكان عليه من الكراء بمقدار ما انتفع به نصيب شريكه وإن صار البنيان أو الغرس في نصيب شريكه خير بين أن يعطي له قيمة بنيانه منقوضا أو قيمة غرسه مقلوعاً وبين أن يسلم إليه نقضه بنقله ويكون له من الكراء على الباني بقدر ما انتفع به من حصة شريكه الغائب.. انتهى.
والذي ننصحكم به في مثل هذه الحال هو أن ترفعوا الأمر إلى المحكمة الشرعية فهي أقدر على فض النزاع في مثل هذه الأمور ورد الحق إلى أصحابه، وانظري لذلك الفتوى رقم: 71323.
والله أعلم.