عنوان الفتوى : لم يبت بمنى ليالي أيام التشريق هو وأسرته
ذهبت إلى الحج هذا العام مع حجاج الداخل وكان مقر السكن بمنطقة العزيزية بمكة, وتعذر علينا المبيت بمنى أيام التشريق لعدم وجود سكن ملائم هناك، وكان معي زوجتي وأولادي الذين لا يتعدى سن كبيرهم عشر سنوات، فما حكم الدين فى ذلك وهل (في حالة الكفارة) على أولادي كفارة كذلك؟ وفقكم الله ورعاكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالمبيت بمنى ليالي أيام التشريق واجب على الصحيح من قولي العلماء، وانظر لذلك الفتوى رقم: 18217، ومن لم يجد بمنى مكاناً لازدحامها فإنه ينزل في آخر الخيام، ولا شيء عليه إذا فعل هذا لأنه فعل ما يقدر عليه.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: فالواجب على الإنسان أن يبحث عن مكان في منى قبل أن ينزل في مزدلفة، فإذا لم يجد مكاناً فلينزل في مزدلفة، ويبقى فيها ولا يلزمه أن يذهب إلى منى يدور فيها بسيارته معظم الليل أو يجلس على الأرصفة بين السيارات، وقد يكون ذلك خطراً عليه فنقول: إذا لم تجد مكاناً في منى، فاجلس في مزدلفة، عند منتهى الخيام، ولا يلزمك شيء ما دمت بحثت عن مكان ولم تجد، لأن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها. انتهى من مجموع فتاوى ابن عثيمين.
وقال أيضاً: لا حرج عليه أن يبيت خارج منى، لكن يكون منزله متصلاً بمنازل الحجاج، لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. وقوله: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ. وقوله: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ. ولكن يكون منزله متصلاً بمنازل الحجاج كالجماعة إذا امتلأ المسجد يصفون عند نهاية الصفوف، ويكون لهم حكم المصلين داخل المسجد. انتهى.
والظاهر أنكم تساهلتم في أمر المبيت فقولك (لعدم وجود سكن ملائم)، يُفهم منه أنه كان يمكنكم المبيت مع نوع مشقة وتعب، وهذه المشقة والتعب لا تخلو منها المناسك، فالذي ينبغي للحاج أن يوطن نفسه على احتمالها ثم إنكم لم تنزلوا في آخر الخيام، وبما أنكم قد تركتم المبيت جميع ليالي منى من غير عذرٍ فيما يظهر، فعلى كل واحد منكم دم عند جمهور الموجبين للمبيت، لقول ابن عباس: من ترك شيئاً من نسكه أو نسيه فعليه دم.
وعلى كل واحد من أولادك الصغار دم وهو في مالك لأنك أنت الذي تسببت في إخلالهم بهذا الواجب.
جاء في بلغة السالك: ورمى عن صغير لا يحسن الرمي أو مجنون وليه، فإن أخر لوقت القضاء فالدم على الولي. انتهى.
وأما إن كنت معذوراً في ترك المبيت فلا شيء عليك ولا على من معك على ما مر، وانظر الفتوى رقم: 79434.
والله أعلم.