عنوان الفتوى : يريد الزنا بامرأة ليتزوج بها
الرجاء عدم إحالتي على مواضيع ذات صلة أنا شاب أريد الزواج لكن لا أستطيع بسبب الفقر وأريد أن أزني مع فتاة من أجل أن تصبح زوجتي لأنه في عرفنا من يفعل ذلك يزوجوه تلك الفتاة التي زنى بها..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا من العرف الباطل الذي لا يجوز أن يسود بين المسلمين الذين حث دينهم على الطهر والعفاف وحرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ونفر منها أشد التنفير، قال تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ {الأعراف:33}.
وقال سبحانه: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً {الإسراء:32} وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى في منامه – ورؤيا الأنبياء وحي – رأى الزناة والزواني يعذبون في ثقب مثل التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نارا، فإذا اقترب ارتفعوا حتى كاد أن يخرجوا، فإذا خمدت رجعوا فيها وهو جزء من حديث طويل رواه البخاري عن سمرة بن جندب رضي الله عنه.
فإذا كان الزنا بهذه البشاعة فكيف يقدم عليه المسلم، وما يدريه إذا أقدم على الزنا أن يلقى ربه قبل أن يتزوج فيخسر دنياه وأخراه، وهل لم يبق سبيل للزواج إلا هذه العادة السيئة.
ثم إن من المعروف أن الإنسان بمقتضى فطرته إذا أراد الزواج بحث عن المرأة الطاهرة العفيفة التي لم يسبق لها الوقوع في الزنا، فمن جرى على عرفكم السائد فهو مخالف للفطرة السليمة.
وههنا سؤال يرد عليك وهو: هل ترضى أن يزنى بأختك مثلا أو أي من قريباتك من يريد أن يقدم على الزواج منها؟ ولا شك أن فطرتك السليمة تجيب بأن لا ترضى لها ذلك، فإذا كنت لا ترضاه لأختك فلا ترضاه لنساء الآخرين.
روى الإمام أحمد عن أبي أمامة قال: إن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه مه ! فقال: أدنه، فدنا منه قريبا، قال فجلس قال: أتحبه لأمك ؟ قال: لا، والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال: أفتحبه لابنتك ؟ قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: " ولا الناس يحبونه لبناتهم. قال: أفتحبه لأختك ؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك ، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم. قال: أفتحبه لعمتك ؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم. قال: أفتحبه لخالتك ؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم . قال فوضع يده عليه وقال اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.
فالذي ننصحك به هو الإعراض عن التفكير في هذا الأمر نعني الزنا، وأن تسعى مع بعض العقلاء وذوي الفضل من قومك في القضاء على هذا العرف والتشجيع على الزواج مباشرة فبذلك تحيون سنة حسنة وتميتون سنة سيئة.
ونوصيك بأن تكثر من دعاء الله تعالى أن ييسر لك الزواج، فقد تجد من الأولياء والنساء من يرضى بالقليل، ويسر المؤونة من أسباب بركة النكاح ، بل وقد تجد منهم من يعينك في أمر الزواج. هذا مع العلم بأن الزواج من أسباب السعة في الرزق، قال تعالى: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ {النور: 32}.
وروى الترمذي والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف.
وإذا لم يتيسر لك الزواج فعليك بتقوى الله والبعد عن وسائل الزنا ومثيرات الشهوة من إطلاق البصر ونحو ذلك، وعليك بالصوم عملا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وهو قوله عليه السلام: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء.
يسر الله لك الزواج وحفظك من كل سوء ومكروه ووفقك إلى طاعته وعصمك من معصيته.
والله أعلم.